- و أما من عمل لله وحده و أخلص في عمله إخلاصا تاما و لكنه يأخذ على عمله جعلا و معلوما يستعين به على العمل و الدين ، كالجعالات التي تُجعل على أعمال الخبر، و كالمجاهد الذي يترتب على جهاده غنيمة أو رزق ، و كالأوقاف التي تُجعل على المساجد و المدارس و الوظائف الدّينية لمن يقوم بها ، فهذا لا يضر أخذه في إيمان العبد و توحيده لكونه لم يرد بعمله الدنيا ، و إنما أراد الدين و قصد أن يكون ما حصل له معينًا له على قيام الدين ،
و لهذا جعل الله في الأموال الشرعيّة كالزّكوات و أموال الفيء و غيرها جزءًا كبيرًا لمن يقوم بالوظائف الدّينية و الدّنيوية النّافعة ، كما قد عرف تفاصيل ذلك ،
فهذا التّفصيل يبين لك حكم هذه المسألة كبيرة الشأن و يوجب لك أن تنزّل الأمور منازلها و الله أعلم "
[ القول السديد شرح كتاب التّوحيد للإمام السّعدي رحمه الله تعالى ]
و لهذا جعل الله في الأموال الشرعيّة كالزّكوات و أموال الفيء و غيرها جزءًا كبيرًا لمن يقوم بالوظائف الدّينية و الدّنيوية النّافعة ، كما قد عرف تفاصيل ذلك ،
فهذا التّفصيل يبين لك حكم هذه المسألة كبيرة الشأن و يوجب لك أن تنزّل الأمور منازلها و الله أعلم "
[ القول السديد شرح كتاب التّوحيد للإمام السّعدي رحمه الله تعالى ]
http://albaidha.net/vb/showthread.php?t=54619
أهمية تولي طلاب العلم للمناصب الدينية
ينفر كثير من طالبة العلم من المناصب الدينية، فما هو السبب؟ وهل من نصيحة للحضور؛ كما يلاحظ أن كثيراً من الطلبة في كلية الشرعية، يبحث بشتى الطرق للتخلص من القضاء، فما نصيحة فضيلتكم لهم؟
المناصب الدينية من القضاء والتعليم والفتوى والخطابة، مناصب شريفة ومهمة، والمسلمون في أشد الحاجة إليها. وإذا تخلى عنها العلماء تولاّها الجهال؛ فضلوا وأضلوا.
فالواجب على من دعت الحاجة إليه من أهل العلم والفقه في الدين أن يمتثل؛ لأن هذه الأمور من القضاء والتدريس والخطابة والدعوة إلى الله، وأشباه ذلك، من فروض الكفايات، فإذا تعينت على أحد من المؤهلين وجبت عليه، ولم يجز له الاعتذار منها والامتناع، ثم لو قدّر أن هناك من يظن أنه يكفي، وأنها لا تجب عليه هذه المسألة، فينبغي له أن ينظر الأصلح، كما ذكر الله سبحانه عن يوسف عليه الصلاة والسلام أنه قال لملك مصر: اجْعَلْنِي عَلَى خَزَآئِنِ الأَرْضِ إِنِّي حَفِيظٌ عَلِيمٌ[1]؛ لما رأى المصلحة في توليه ذلك، طلب الولاية، وهو نبي ورسول كريم، والأنبياء هم أفضل الناس، طلبها للإصلاح؛ يصلح أهل مصر، ويدعوهم إلى الحق.
فطالب العلم إذا رأى المصلحة في ذلك طلب الوظيفة، ورضي بها قضائية أو تدريساً أو وزارة أو غير ذلك، على أن يكون قصده الإصلاح والخير، وليس قصده الدنيا، وإنما يقصد وجه الله، وحسن المآب في الآخرة، وأن ينفع الناس في دينهم أولاً، ثم في دنياهم، ولا يرضى أن يتولى المناصب الجهال، والفسّاق، فإذا دعي إلى منصب صالح يرى نفسه أهلاً له، وأن فيه قوة عليه، فليجب إلى ذلك، وليحسن النية، وليبذل وسعه في ذلك ولا يقل أخشى كذا، وأخشى كذا.
ومع النية الصالحة والصدق في العمل يوفق العبد، ويعان على ذلك، إذا أصلح الله نيته، وبذل وسعه في الخير، وفقه الله.
ومن هذا الباب حديث عثمان بن أبي العاص الثقفي، أنه قال: ((يا رسول الله اجعلني إمام قومي، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: أنت إمامهم، واقتد بأضعفهم، واتخذ مؤذناً، لا يأخذ على أذانه أجراً))[2] رواه الإمام أحمد وأهل السنن بإسناد صحيح.
فطلب رضي الله عنه إمامة قومه؛ للمصلحة الشرعية، ولتوجيههم للخير، وتعليمهم وأمرهم بالمعروف، ونهيهم عن المنكر، مثلما فعل يوسف عليه الصلاة والسلام.
قال العلماء: إنما نهي عن طلب الإمرة والولاية، إذا لم تدع الحاجة إلى ذلك؛ لأنه خطر، كما جاء في الحديث النهي عن ذلك، لكن متى دعت الحاجة والمصلحة الشرعية إلى طلبها جاز ذلك؛ لقصة يوسف عليه الصلاة والسلام وحديث عثمان رضي الله عنه المذكور.
[1] سورة يوسف، الآية 55.
[2] أخرجه أحمد برقم: 5679 (أول مسند المدنيين) حديث عثمان بن أبي العاص الثقفي، والنسائي برقم 666 (كتاب الأذان)، باب اتخاذ المؤذن الذي لا يأخذ على أذانه أجراً، وابو داود برقم 447 (كتاب الصلاة) باب (أخذ الأجر على التأذين)، وابن ماجة برقم: 977 (كتاب إقامة الصلاة والسنة فيها)، باب (من أم قوماً فليخفف).
مجموع فتاوى ومقالات متنوعة المجلد الثالث والعشرون.
http://www.sahab.net/forums/index.php?showtopic=148430&hl=
قال الإمام محمد بن صالح العثيمين رحمه الله في ((لقاء الباب المفتوح)): ((الشريعة الإسلامية والحمد لله جاء فيها حوافز دينية ودنيوية, لأن الله تعالى علم نقص العبد واحتياجه إلى ما يشجعه, ونقص العبد واحتياجه إلى ما يردعه, فجاءت الأعمال الصالحة يذكر فيها ثواب الآخرة وثواب الدنيا, تشجيعاً للمرء لأن المرء محتاج لها في الدنيا والآخرة كما قال الله عز وجل: ) وَمِنْهُمْ مَنْ يَقُولُ رَبَّنَا آتِنَا فِي الدُّنْيَا حَسَنَةً وَفِي الْآخِرَةِ حَسَنَةً وَقِنَا عَذَابَ النَّارِ * أُولَئِكَ لَهُمْ نَصِيبٌ مِمَّا كَسَبُوا وَاللَّهُ سَرِيعُ الْحِسَابِ ( [البقرة:201-202] فلا حرج على الإنسان أن يعمل العمل الصالح ملاحظاً ما رتب عليه من ثواب الدنيا, ولا ينقص أجره شيئاً؛ لأنه لو كان هذا ينقص العبد شيئاً ما ذكره الله ورسوله, لكن هذه من باب الحوافز, ثم ما يحصل للقلب من الطاعات جدير بأن يشجع الإنسان عليها)) اهـ.
No comments:
Post a Comment