أثر التسرع ونتائجه بالنسبة للدماء والأعراض
مثال ذلك بقصة الإفك
أما التسرع دائمًا فإنه يؤدي إلى الندم ، وإلى ما لا تحمد عقباه هذا بالنسبة للدماء ، وكذلك بالنسبة لأعراض المسلمين لا يجوز لنا أن نتسرع في قبول الشائعات وقبول الأخبار الكاذبة ، ولهذا يقول - سبحانه وتعالى- في حادث الإفك الذي قَصّهُ الله - سبحانه وتعالى- علينا في كتابه ، لما اتَّهم المنافقون عائشة أم المؤمنين - رضي الله عنها - مما برأها الله - سبحانه وتعالى- منه، قال الله - سبحانه وتعالى- : لَوْلَا إِذْ سَمِعْتُمُوهُ ظَنَّ الْمُؤْمِنُونَ وَالْمُؤْمِنَاتُ بِأَنْفُسِهِمْ خَيْرًا وَقَالُوا هَذَا إِفْكٌ مُبِينٌ لَوْلَا جَاءُوا عَلَيْهِ بِأَرْبَعَةِ شُهَدَاءَ فَإِذْ لَمْ يَأْتُوا بِالشُّهَدَاءِ فَأُولَئِكَ عِنْدَ اللَّهِ هُمُ الْكَاذِبُونَ . إلى قوله - تعالى - : وَلَوْلَا إِذْ سَمِعْتُمُوهُ قُلْتُمْ مَا يَكُونُ لَنَا أَنْ نَتَكَلَّمَ بِهَذَا سُبْحَانَكَ هَذَا بُهْتَانٌ عَظِيمٌ يَعِظُكُمُ اللَّهُ أَنْ تَعُودُوا لِمِثْلِهِ أَبَدًا إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ . الأصل في المسلم العدالة، والأصل في المسلم النزاهة فلا نتسرع إذا رماه أحد بسوء أو بارتكاب الفاحشة لا نتسرع بقبول ذلك بل نتثبت غاية التثبت .
وقصة الإفك الكذب فيها ظاهر جدًا ؛ لأنه لا يمكن أن تكون زوجة نبي الله -صلى الله عليه وسلم- بهذا الوصف؛ لأن الله لا يختار لنبيه إلا الطيبات كما قال - تعالى - : الْخَبِيثَاتُ لِلْخَبِيثِينَ وَالْخَبِيثُونَ لِلْخَبِيثَاتِ وَالطَّيِّبَاتُ لِلطَّيِّبِينَ وَالطَّيِّبُونَ لِلطَّيِّبَاتِ أُولَئِكَ مُبَرَّءُونَ مِمَّا يَقُولُونَ لَهُمْ مَغْفِرَةٌ وَرِزْقٌ كَرِيمٌ . فالكذب في قصة الإفك ظاهر ، ولذلك يقول الله : لَوْلَا إِذْ سَمِعْتُمُوهُ ظَنَّ الْمُؤْمِنُونَ وَالْمُؤْمِنَاتُ بِأَنْفُسِهِمْ خَيْرًا . قيل معناها أن نفوس المؤمنين كالنفس الواحدة ، فإذا سمعت في أخيك شائعة فاعتبر هذا كأنه فيك أنت؛ لأن المسلمين أمة واحدة وجسد واحد .
كما في قوله - تعالى - : وَلَا تَقْتُلُوا أَنْفُسَكُمْ . يعني لا يقتل بعضكم بعضًا ، وقال - سبحانه وتعالى- : فَسَلِّمُوا عَلَى أَنْفُسِكُمْ ، يعني يسلم بعضكم على بعض فاعتبر المؤمنين كالنفس الواحدة، وقيل معناه والله أعلم : إذا سمع المؤمن هذه الشائعة فليطبقها على نفسه هل يرضى لنفسه أن يقال فيها هذا، وهل ترضى أن يلطخ عرضك وأن تتهم بالإفك ؟ أنت لا ترضى هذا لنفسك فكيف ترضاه لغيرك من إخوانك المسلمين .
هذا بالنسبة لأعراض المسلمين، يجب أن تصان وأن لا تُصدّق فيها الشائعات والأخبار من غير تثبت حتى ولو ثبت أن مسلمًا صدرت منه جريمة أو وقع في جريمة فعلاً فإنه يجب الستر عليه ، وعدم إشاعة ذلك بين الناس؛ لأن المسلمين كالجسد الواحد فكيف والخبر كله كذب وكله بهتان .
المصدر
كتاب ( وجوب التثبت من الأخبار و احترام العلماء )
من موقع الشيخ حفظه الله
http://albaidha.net/vb/showthread.php?t=52862
No comments:
Post a Comment