Wednesday, 10 June 2015

Wasiyyatu sh.Rabee' حفظه الله

أوصيكم -يا إخوة- بتقوى الله تبارك وتعالى: {مَنْ يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَلْ لَهُ مَخْرَجًا - 
وَيَرْزُقْهُ مِنْ حَيْثُ لَا يَحْتَسِبُ} [الطلاق: 2-3]، في أي باب من الأبواب؛ يجعل الله لك فرَجًا ومخرجًا، إن تتقِ الله عز وجل؛ يجعل لك فرجًا في الدنيا والآخرة، تنجو بتقوى الله من غضب الله وسخطه، تنجو من عقابه في الآخرة، أعد الله لك بهذه التقوى جنة عرضها السماوات والأرض أعدت للمتقين: {إِنَّ لِلْمُتَّقِينَ مَفَازًا - حَدَائِقَ وَأَعْنَابًا - وَكَوَاعِبَ أَتْرَابًا} [النبأ: 31-33]، كل هذه تنال بالتقوى. تنال الفرج والرخاء والرحمة من الله عز وجل بهذه بالتقوى وتنال أعلى الدرجات -بارك الله فيك- في الآخرة بهذه التقوى.كن سليم العقيدة، سليم المنهج، سليم العبادة تعتقد ما شرعه الله من العقائد في أبواب التوحيد، الربوبية، في الأسماء والصفات، في توحيد العبادة، في صلاتك، في صومك، في زكاتك، في حجك، في بر الوالدين، في اجتناب المعاصي الكبائر والصغائر. 
فعليكم بتقوى اللهِ، وعليكم بالإخلاص، الإخلاصُ ضروريٌّ في العبادة، في طلبِ
العلم، في الدعوة إلى الله سبحانه وتعالى، كل الأعمال التي تتقرب بها إلى الله يجب أن تكون مخلصا فيها لله عز وجل: {فَاعْبُدِ اللَّهَ مُخْلِصًا لَهُ الدِّينَ} [الزمر: 2]، {قُلْ إِنِّي أُمِرْتُ أَنْ أَعْبُدَ اللَّهَ مُخْلِصًا لَهُ الدِّينَ} [الزمر: 11]، الإخلاص لا بد منه، وإياكم والرياء، وإياكم والشرك -الشرك الأكبر والأصغر-. فأنت تتعلم تريد وجه الله، تبسط لك الملائكة أجنحتها رضًا بما تصنع، وإذا بلغتَ درجة العلماء؛ صِرت من ورثة الأنبياء في ماذا ؟ في الإيمان، في التقوى، في التبليغ في الدعوة إلى الله، في الأمر بالمعروف، في النهي عن المنكر، في حمل راية الجهاد إذا رفعت راية الجهاد، في كل خير تنفع الناس وتدفع الشر عن الناس، ولا ينتشر الخير إلا عن طريق العلم الصحيح، ولا يقضى على الشرور إلا بالعلم الصحيح، لا يقضى على الشرك إلا بالعلم الصحيح، لا يقضى على البدع إلا بالعلم الصحيح، لا يقضى على المنكرات إلا بالعلم الصحيح. إذا انتشر هذا العلم وهذا الخير؛ قلَّت الفتن، قلت البدع، ذهب الشرك ... إلى آخره، إذا ساد العلم في مجتمع من المجتمعات؛ كل هذه الأشياء تتبخر وتذهب إلا ما يبقى من النفاق الذي يتستر أهله هذا شيء آخر، أما الأمور الظاهرة تختفي ولله الحمد. وتتقي الله في طلب العلم، وفي نشره في الدعوة إلى الله، في الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، تخلص لله تتقيه وتخلص له. 
عليكم بالعلم، عليكم بالعلم، العلم الذي جاء به محمد -صلى الله عليه وسلم-: كتاب الله، وسنة رسوله -عليه الصلاة والسلام- بفهم السلف الصالح. يعني إذا صعب عليك فهم الآية والحديث؛ عندك -ولله الحمد- دُونت شروح وتفاسير القرآن؛ تفاسير السلف: تفسير ابن جرير، تفسير البغوي، تفسير ابن كثير، تفسير عبد الرزاق -يعني الشيء المطبوع منه-، تفسير أبي حاتم -الشيء المطبوع-بارك الله فيكم-، ويكفيكم بعضها، وتفسير السعدي جيد -بارك الله فيكم-، عليكم بكتب التوحيد، كتب العقيدة، وشروح الحديث: الحافظ ابن حجر في " الفتح " -مع تجنب زلاته في " الفتح "-، وهو أحسن شرح لكتاب البخاري -صحيح البخاري-، لكن يساعدك في فهم كثير من النصوص لا تستغني عنه -مع الحذر مما ورد في هذا الكتاب من المخالفات العقدية-. 


 
ثم التآخي فيما بينكم -يا إخوتاه-، نحن ما عرفنا مثل هذا التفرق والتمزق. واللهِ، الفتنة -الآن- التي تكتنف السلفية والسلفيين في العالم، ما مر مثلها؛ لأن الرؤوس كثرت، وحب الزعامات انتشر -مع الأسف-، والمدسوسون بين صفوف السلفيين كثر -أيضًا-، فمزقوا السلفيين شذر مذر؛ فاحذروا من الفرقة وتنبهوا لهؤلاء المفرِّقين، وتآخوا فيما بينكم، كونوا كالجسد الواحد؛ كما قال -صلى الله عليه وسلم-: "تَرى المؤمنين في تراحُمِهم وتوادِّهم وتعاطفهم كمثل الجسد؛ إذا اشتكى عضوٌ تَداعى له سائرُ الجسد بالسَّهر والحمى "، وقال: " المؤمنُ للمؤمنِ كالبنيان؛ يشد بعضُه بعضًا -ثم شبَّك بين أصابعه- ".


أنا أظن -الآن- أنّ كثيرًا من السلفيين إذا مرض أخوه أو أصابته مصيبة يفرح بذلك ولا يتألم ! لماذا ؟! لكثرة الفتن التي انتشرت فيهم، ونشرها أهل الأهواء. أنا أقول -غير مرة-: إنا أدركنا السلفيين في مشارق الأرض ومغاربها كلهم متحابون متآخون على منهج واحد لا خلافات بينهم, فانتشرت الدعوة السلفية في العالم شرقه وغربه؛ فانتبه الخبثاء من اليهود والنصارى والمبشرين ورؤوس الضلال من الروافض والصوفية الذين يتعاونون مع الأعداء والأحزاب الضالة، واللهِ يتعاونون مع الأعداء وبينهم علاقات خفية وظاهرة، ولا يتعاونون إلا ضد المنهج السلفي، فنشروا وبثوا سموم الفرقة في السلفيين لما امتدت في مشارق الأرض ومغاربها، بثوا سموم الفرقة في أوساط السلفيين؛ فمزقوهم شرَّ ممزق، ونشأ أناس لا يفهمون السلفية على وجهها، يزعم أحدهم أنه سلفي !! ثم لا تراه إلا وهو يقطع أوصال السلفية؛ لسوء سلوكه وسوء المنهج أو المناهج السيئة التي انتشرت وتهدف إلى تفريق السلفيين وتمزيقهم. السلفية تحتاج إلى عقلاء، تحتاج إلى رحماء، تحتاج إلى حكماء، تحتاج قبل ذلك إلى علماء. فإذا كانت هذه الأمور ليست موجودة في السلفيين، فأين تكون السلفية ؟ تضيع -بارك الله فيكم-. 

 
فتعلَّموا العلم، الذي يحس منكم بالكفاءة، الله أعطاه موهبة الحفظ، موهبة الفقه في الدين؛ يشمر عن ساعد الجد في تحصيل العلم؛ حتى ينفع الله به، ويلم بقدر ما يستطيع شتات السلفيين على دين الله الحق، ويؤاخي ويؤلف بينهم. وابحثوا عن هؤلاء، وشجعوهم في التعلم ونشر الأخوة والمودة فيما بين السلفيين. أما الآخرون -حتى لو كانوا يهودا أو نصارى- انشروا دعوتكم في أوساطهم بالحكمة والموعظة الحسنة، أنتم ما تقرؤون قوله: {ادْعُ إِلَى سَبِيلِ رَبِّكَ بِالْحِكْمَةِ وَالْمَوْعِظَةِ الْحَسَنَةِ} [النحل: 125] ؟ الله يخاطب رسوله ليستخدم هذه الدعوة في أوساط الكفار؛ لأن الحكمة والموعظة الحسنة إذا فارقت الدعوة انتهت الدعوة، إذا استخدمنا التوحش في الأخلاق وتنفير الناس، خلاص انتهت السلفية ! " إنَّ منكم مُنَفِّرين "، " يَسِّرُوا ولا تُعَسِّروا، وبَشِّروا ولا تُنَفِّروا "، استخدموا هذه الأساليب إن أردتم لأنفسكم خيرًا وللناس خيرا؛ فاتبعوا هدي القرآن والسنة في التعامل فيما يبنكم، وفي نشر هذه الدعوة {مُحَمَّدٌ رَسُولُ اللَّهِ وَالَّذِينَ مَعَهُ أَشِدَّاءُ عَلَى الْكُفَّارِ رُحَمَاءُ بَيْنَهُمْ تَرَاهُمْ رُكَّعًا} [الفتح: 29]، {رُحَمَاءُ بَيْنَهُمْ}، {وَاخْفِضْ جَنَاحَكَ لِلْمُؤْمِنِينَ} [الحجر: 88]، {وَلَوْ كُنْتَ فَظًّا غَلِيظَ الْقَلْبِ لَانْفَضُّوا مِنْ حَوْلِكَ} [آل عمران: 159]، رسول الله أكمل البشر وأفضلهم وأفصحهم وأعلمهم، لولم يوجد فيه هذا الوصف؛ لانفض الناس عنه، وتركوه، وتركوا دعوته، كيف أنت المسكين !! نحتاج إلى حسن الأخلاق وحسن التعامل فيما بيننا قبل كل شي، والتآخي والتلاحم، ثم في دعوتنا نستخدم الحكمة والموعظة الحسنة. 
{أَشِدَّاءُ عَلَى الْكُفَّارِ} [الفتح: 29]، إذا ما استجابوا لدعوتنا، يعني نقاتل من يستحقون القتال، طبعًا بعد المقدمات، وبعد الدعوة، وبعد البيان، وبعد كل شيء -بارك الله فيكم-. الشدة على المنافقين يعني: نقيم عليهم الحجة والبرهان، ليس بسوء الأخلاق. والشدة على الكفار: بالسيف، إذا لم يدخلوا في الإسلام، وعاندوا، وكابروا، وفعلوا وفعلوا، واعتدوا على المسلمين؛ حينئذ يشرع القتال -بارك الله فيكم-. 
الشاهد: الآن نحن ما عندنا سيوف غير الحجة والبرهان والأخلاق. الأخلاق هي أمضى الأسلحة في كبت أهل الضلال ودمغهم بالحجة وفي رد الكافرين، وفيه هداية الجميع إن شاء الله -بارك الله فيكم-. 
نسال الله أن يوفقنا وإياكم لما يحب ويرضى، وأرجو أن يجعلني الله وإياكم ممن يستمعون القول، فيتبعون أحسنه، وطنوا أنفسكم على الاستفادة مما تسمعون من الخير والحق، وطِّنوا أنفسكم على التطبيق والعمل -بارك الله فيكم-. وإن شاء الله هذه الظواهر السيئة بالحكمة والتعقل تنتهي، وييأس الأعداء من تفريقنا وتمزيقنا، وإلا إذا لم نسمع ونستخدم هذه الأخلاق؛ فسيظل الشباب السلفي لعبة بأيدي خصومهم وأعدائهم؛ عليكم بالحكمة وعليكم بالتعقل، وعليكم بالصبر، وعليكم بالتراحم والتآخي فيما بينكم، ثم نشر هذه الدعوة بالأخلاق العالية، وسترون كيف يقبل الناس على هذه الدعوة. نسأل الله لنا ولكم التوفيق. 
أستأذنكم -بارك الله فيكم- وليس المراد كثرة الكلام، الإنسان قد يسمع كلمة، وينفعه الله بها. وكان السلف قليلي الكلام، كلامهم قليل، ولكن كان نفعهم كبيرا؛ لأنهم يجدون آذانا صاغية. فنسأل الله لنا ولكم التوفيق.


قام بتفريغها: أحمـد الديوانـي
وقام بمراجعتها وعرضها على الشيخ: فواز الجزائري 
-غفر الله له ولوالديه-
عشية يوم الثلاثاء 17/5/1427 هـ

http://www.rabee.net/show_book.aspx?pid=5&

bid=168&gid=0 

منقول

No comments:

Post a Comment