(4) النظرة الجزئية للإسلام :
تجد الإنسان عنده مسائل في العقيدة ، أو في الفقه أو في مصطلح الحديث فيقف عند هذا لا يتجاوزه ويظن أنَّ هذا هو الدين ، والإسلام أوسع وأرحب من ذلك .
والقضية ليست في قراءة أو تحصيل كتاب كذا وكذا ، بل القضية أن تفهم الإسلام فهماً عميقاً مجملاً ، لا بد أن تحيط بالإسلام بعقائده وعباداته جملة .
لذلك كان السلف عندما يتكلمون في مسألة لا ينظرون إليها من خلال هذا المجهر الجزئي الهامشي ، وإنما يتكلمون بنظرة شاملة ، يقول الله تعالى : ﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ ادْخُلُواْ فِي السِّلْمِ كَآفَّةً وَلاَ تَتَّبِعُواْ خُطُوَاتِ الشَّيْطَانِ إِنَّهُ لَكُمْ عَدُوٌّ مُّبِين ﴾ (20) ، والسلم هنا الإسلام.
فالإسلام هرم ضخم لا بد أن تأخذه من جوانبه الأربعة ، ولن تحيط به هكذا حتى تنطلق من القمة حيث كان النبي وأصحابه ومن تابعهم بإحسان ، من حيث كان سلفنا الصالح .
قال تعالى : ﴿ َمِنَ الَّذِينَ قَالُواْ إِنَّا نَصَارَى أَخَذْنَا مِيثَاقَهُمْ فَنَسُواْ حَظًّا مِّمَّا ذُكِّرُواْ بِهِ فَأَغْرَيْنَا بَيْنَهُمُ الْعَدَاوَةَ وَالْبَغْضَاء إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ وَسَوْفَ يُنَبِّئُهُمُ اللّهُ بِمَا كَانُواْ يَصْنَعُونَ ﴾ (21).
فلا بد من الصبر في طلب العلم ، حتى تحيط بالإسلام جملة ، وقد تحتاج للصبر في تحصيل علوم الإسلام السنوات الطوال ، قبل أن تتكلم ، وقبل أن تزعم أنك علمت.
قال بعض السلف:”العلم ثلاثة أشبار:من أخذ الشبر الأول تكبر،ومن أخذ الشبر الثاني تواضع،ومن أخذ الشبر الثالث علم أنه جاهل، فإياك أخي أن تكون أبا شبر”(22).
يقول الإمام الشافعي ـ رحمه الله ـ :
كلمـا أدبني الـدهر … آراني نقـص عقـلي
وإذا ما ازددت علما … زادني علما بجهلي (23)
ويقول الإمام الشاطبي –رحمه الله- في كلام في منتهى الخطورة ـ في بيان الخلاف في الأمور الفرعية راجع في الحقيقة إلى الوفاق لاتفاق أطرافه على تحرى مقصود الشارع وهو واحد ، يقول : ” ومن هنا يظهر وجه الموالاة والتحاب والتعاطف فيما بين المختلفين في مسائل الاجتهاد حتى لم يصيروا شيعاً،ولا تفرقوا فرقاً لأنَّهم مجتمعون على طلب قصد الشارع. فاختلاف الطرق (للوصول إلى قصد الشارع المشرع) غير مؤثر كما لا اختلاف بين المتعبدين لله بالعبادات المختلفة،كرجل تقربه الصلاة،وآخر يُقربه الصيام،وآخر تقربه الصدقة، إلى غير ذلك من العبادات، فهم متفقون في أصل التوجه لله المعبود،وإن اختلفوا في أصناف التوجه.
فكذلك المجتهدون لما كان قصدهم إصابة مقصد الشارع صارت كلمتهم واحدة وقولهم واحداً “. أهـ (24) .
وهذا يعنى أن الأئمة إذا اختلفوا في مسألة،فماذا كان قصد كل واحد منهم ؟
لا شك أن قصدهم إصابة الحق ، فكلهم يبغي رضا الله – سبحانه وتعالى – ورسوله – صلى الله عليه وسلم – .
وهذا يكون في المسائل الاجتهادية التي يسوغ فيها الاختلاف ، أما مسائل العقيدة فلا يقبل فيها الخلاف . فمثل هذه المسائل الخلافية يسعنا فيها الخلاف – اليوم – أما ما اتفقت فيه كلمتهم فلا يسوغ لنا الخلاف فيها .
(5)التعصب للأشخاص والآراء :
التعصب مذموم وحرام إلا أن يكون ذلك لقول رسول الله – صلى الله عليه وسلم – ، إذ كلٌّ يؤخذ من قوله ويرد إلا النبي محمد – صلى الله عليه وسلم – .
فلا يجوز أن تتعصب مطلقاً وعلى طول الخط لشخص من الأشخاص ، أو لرأى جماعة من الجماعات ، إلا لرسول الله – صلى الله عليه وسلم – وأصحابه ؛ فالحق معهم ، أما غيرهم فيصيب ويخطئ ، ويُؤخذ منه ويُرد .
قال ابن مسعود – رضي الله عنه -: “من كان منكم مستناً فليستن بمن مات؛ فإنَّ الحيَّ لا تؤمن عليه الفتنة، فهؤلاء صحابة رسول الله – صلى الله عليه وسلم – كانوا أبر هذه الأمة قلوباً، وأعمقها علماً، وأقلها تكلفاً قال الله تعالى : ﴿ رَضِيَ اللّهُ عَنْهُمْ وَرَضُواْ عَنْه﴾ (25).
هؤلاء صحابة رسول الله – صلى الله عليه وسلم – فلا يجوز التعصب مطلقاً لشخص غير شخص النبي – صلى الله عليه وسلم -، ولا لجماعة غير صحابته -رضوان الله عليهم-.
إن مبدأ الهدى فتح عين البصيرة في أقوال من يُساء الظن بهم ، ومن يحسن الظن بهم على حد سواء ، إذ لا يجوز نصر المقالات والتعصب لها والتزام لوازمها لإحسان الظن بأربابها بحيث يرى مساوئهم محاسن ، ويسيء الظن بالخصوم فيرى محاسنهم مساوئ ، قال تعالى : ﴿ وَلاَ يَجْرِمَنَّكُمْ شَنَآنُ قَوْمٍ أَن صَدُّوكُمْ عَنِ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ أَن تَعْتَدُواْ وَتَعَاوَنُواْ عَلَى الْبرِّ وَالتَّقْوَى ﴾ (26).
فلا تغتر بأي اسم مهما كان، ولكن في حدود الأدب والقيام بحقوق أهل العلم، فإنَّ علماءنا ومشايخنا أحباءٌ إلينا، ولكن القيام لله – سبحانه وتعالى – بالقسط أحب إلينا وأقرب.
فلا تتعصب لرأى إذ رأيي صواب يحتمل الخطأ ، ورأى غيري خطأ يحتمل الصواب ، فالتعصب ممقوت ، لا لشخص ولا لجماعة وإنَّما نتعصب لـ ” قال الله ، وقال رسول الله – صلى الله عليه وسلم – “، فهم هؤلاء الأصحاب الذين زكاهم الله،قال تعالى:﴿ فَإِنْ آمَنُواْ بِمِثْلِ مَا آمَنتُم بِهِ فَقَدِ اهْتَدَواْ وَّإِن تَوَلَّوْاْ فَإِنَّمَا هُمْ فِي شِقَاقٍ فَسَيَكْفِيكَهُمُ اللّهُ وَهُوَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ﴾ (27) .
التحذير من الاختلاف المذموم :
قد قص الله – سبحانه وتعالى – علينا أخبار الأمم الذين تفرقوا بسبب الهوى ، وحذرنا من التشبه بهم ، وحذرنا من طريقهم ، بل قال أهل العلم : إذا كان التمذهب سبباً للخلاف والفرقة فإنه يحرم ، إذا كان كونك حنبلياً وذاك حنفياً وذاك شافعياً وهذا مالكياً سبباً للخلاف والفرقة فإنه يحرم ،
تجد الإنسان عنده مسائل في العقيدة ، أو في الفقه أو في مصطلح الحديث فيقف عند هذا لا يتجاوزه ويظن أنَّ هذا هو الدين ، والإسلام أوسع وأرحب من ذلك .
والقضية ليست في قراءة أو تحصيل كتاب كذا وكذا ، بل القضية أن تفهم الإسلام فهماً عميقاً مجملاً ، لا بد أن تحيط بالإسلام بعقائده وعباداته جملة .
لذلك كان السلف عندما يتكلمون في مسألة لا ينظرون إليها من خلال هذا المجهر الجزئي الهامشي ، وإنما يتكلمون بنظرة شاملة ، يقول الله تعالى : ﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ ادْخُلُواْ فِي السِّلْمِ كَآفَّةً وَلاَ تَتَّبِعُواْ خُطُوَاتِ الشَّيْطَانِ إِنَّهُ لَكُمْ عَدُوٌّ مُّبِين ﴾ (20) ، والسلم هنا الإسلام.
فالإسلام هرم ضخم لا بد أن تأخذه من جوانبه الأربعة ، ولن تحيط به هكذا حتى تنطلق من القمة حيث كان النبي وأصحابه ومن تابعهم بإحسان ، من حيث كان سلفنا الصالح .
قال تعالى : ﴿ َمِنَ الَّذِينَ قَالُواْ إِنَّا نَصَارَى أَخَذْنَا مِيثَاقَهُمْ فَنَسُواْ حَظًّا مِّمَّا ذُكِّرُواْ بِهِ فَأَغْرَيْنَا بَيْنَهُمُ الْعَدَاوَةَ وَالْبَغْضَاء إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ وَسَوْفَ يُنَبِّئُهُمُ اللّهُ بِمَا كَانُواْ يَصْنَعُونَ ﴾ (21).
فلا بد من الصبر في طلب العلم ، حتى تحيط بالإسلام جملة ، وقد تحتاج للصبر في تحصيل علوم الإسلام السنوات الطوال ، قبل أن تتكلم ، وقبل أن تزعم أنك علمت.
قال بعض السلف:”العلم ثلاثة أشبار:من أخذ الشبر الأول تكبر،ومن أخذ الشبر الثاني تواضع،ومن أخذ الشبر الثالث علم أنه جاهل، فإياك أخي أن تكون أبا شبر”(22).
يقول الإمام الشافعي ـ رحمه الله ـ :
كلمـا أدبني الـدهر … آراني نقـص عقـلي
وإذا ما ازددت علما … زادني علما بجهلي (23)
ويقول الإمام الشاطبي –رحمه الله- في كلام في منتهى الخطورة ـ في بيان الخلاف في الأمور الفرعية راجع في الحقيقة إلى الوفاق لاتفاق أطرافه على تحرى مقصود الشارع وهو واحد ، يقول : ” ومن هنا يظهر وجه الموالاة والتحاب والتعاطف فيما بين المختلفين في مسائل الاجتهاد حتى لم يصيروا شيعاً،ولا تفرقوا فرقاً لأنَّهم مجتمعون على طلب قصد الشارع. فاختلاف الطرق (للوصول إلى قصد الشارع المشرع) غير مؤثر كما لا اختلاف بين المتعبدين لله بالعبادات المختلفة،كرجل تقربه الصلاة،وآخر يُقربه الصيام،وآخر تقربه الصدقة، إلى غير ذلك من العبادات، فهم متفقون في أصل التوجه لله المعبود،وإن اختلفوا في أصناف التوجه.
فكذلك المجتهدون لما كان قصدهم إصابة مقصد الشارع صارت كلمتهم واحدة وقولهم واحداً “. أهـ (24) .
وهذا يعنى أن الأئمة إذا اختلفوا في مسألة،فماذا كان قصد كل واحد منهم ؟
لا شك أن قصدهم إصابة الحق ، فكلهم يبغي رضا الله – سبحانه وتعالى – ورسوله – صلى الله عليه وسلم – .
وهذا يكون في المسائل الاجتهادية التي يسوغ فيها الاختلاف ، أما مسائل العقيدة فلا يقبل فيها الخلاف . فمثل هذه المسائل الخلافية يسعنا فيها الخلاف – اليوم – أما ما اتفقت فيه كلمتهم فلا يسوغ لنا الخلاف فيها .
(5)التعصب للأشخاص والآراء :
التعصب مذموم وحرام إلا أن يكون ذلك لقول رسول الله – صلى الله عليه وسلم – ، إذ كلٌّ يؤخذ من قوله ويرد إلا النبي محمد – صلى الله عليه وسلم – .
فلا يجوز أن تتعصب مطلقاً وعلى طول الخط لشخص من الأشخاص ، أو لرأى جماعة من الجماعات ، إلا لرسول الله – صلى الله عليه وسلم – وأصحابه ؛ فالحق معهم ، أما غيرهم فيصيب ويخطئ ، ويُؤخذ منه ويُرد .
قال ابن مسعود – رضي الله عنه -: “من كان منكم مستناً فليستن بمن مات؛ فإنَّ الحيَّ لا تؤمن عليه الفتنة، فهؤلاء صحابة رسول الله – صلى الله عليه وسلم – كانوا أبر هذه الأمة قلوباً، وأعمقها علماً، وأقلها تكلفاً قال الله تعالى : ﴿ رَضِيَ اللّهُ عَنْهُمْ وَرَضُواْ عَنْه﴾ (25).
هؤلاء صحابة رسول الله – صلى الله عليه وسلم – فلا يجوز التعصب مطلقاً لشخص غير شخص النبي – صلى الله عليه وسلم -، ولا لجماعة غير صحابته -رضوان الله عليهم-.
إن مبدأ الهدى فتح عين البصيرة في أقوال من يُساء الظن بهم ، ومن يحسن الظن بهم على حد سواء ، إذ لا يجوز نصر المقالات والتعصب لها والتزام لوازمها لإحسان الظن بأربابها بحيث يرى مساوئهم محاسن ، ويسيء الظن بالخصوم فيرى محاسنهم مساوئ ، قال تعالى : ﴿ وَلاَ يَجْرِمَنَّكُمْ شَنَآنُ قَوْمٍ أَن صَدُّوكُمْ عَنِ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ أَن تَعْتَدُواْ وَتَعَاوَنُواْ عَلَى الْبرِّ وَالتَّقْوَى ﴾ (26).
فلا تغتر بأي اسم مهما كان، ولكن في حدود الأدب والقيام بحقوق أهل العلم، فإنَّ علماءنا ومشايخنا أحباءٌ إلينا، ولكن القيام لله – سبحانه وتعالى – بالقسط أحب إلينا وأقرب.
فلا تتعصب لرأى إذ رأيي صواب يحتمل الخطأ ، ورأى غيري خطأ يحتمل الصواب ، فالتعصب ممقوت ، لا لشخص ولا لجماعة وإنَّما نتعصب لـ ” قال الله ، وقال رسول الله – صلى الله عليه وسلم – “، فهم هؤلاء الأصحاب الذين زكاهم الله،قال تعالى:﴿ فَإِنْ آمَنُواْ بِمِثْلِ مَا آمَنتُم بِهِ فَقَدِ اهْتَدَواْ وَّإِن تَوَلَّوْاْ فَإِنَّمَا هُمْ فِي شِقَاقٍ فَسَيَكْفِيكَهُمُ اللّهُ وَهُوَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ﴾ (27) .
التحذير من الاختلاف المذموم :
قد قص الله – سبحانه وتعالى – علينا أخبار الأمم الذين تفرقوا بسبب الهوى ، وحذرنا من التشبه بهم ، وحذرنا من طريقهم ، بل قال أهل العلم : إذا كان التمذهب سبباً للخلاف والفرقة فإنه يحرم ، إذا كان كونك حنبلياً وذاك حنفياً وذاك شافعياً وهذا مالكياً سبباً للخلاف والفرقة فإنه يحرم ،
No comments:
Post a Comment