Monday, 20 July 2015

6 points of benefit from the hadeeth اللَّهُمَّ اكْفِنِي بحَلالِكَ عَنْ حَرَامِكَ، وَأَغْنِنِي بفَضْلِكَ عَمَّنْ سِوَاكَ

تنوير الحوالك بفوائد حديث: «اللَّهمَّ اكفني بحلالك عن حرامك»(١)■

☆ للشيخ الفاضل عمر الحاج مسعود حفظه الله
 

اللَّهُمَّ اكْفِنِي بحَلالِكَ عَنْ حَرَامِكَ، وَأَغْنِنِي بفَضْلِكَ عَمَّنْ سِوَاكَ

 • قال الشيخ حفظه الله:
يُؤخذ من هذا الحديث فوائدُ عظيمة، وأصولٌ جليلة:
❁ الفائدةالأولى:
التَّوكُّل على الله حقًّا، والاستعانة به صدقًا على قضاء الدَّيْن والوفاء به، قال الله تعالى: ﴿وَمَن يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَل لَّهُ مَخْرَجًا * وَيَرْزُقْهُ مِنْ حَيْثُ لاَ يَحْتَسِبُ﴾ [الطلاق: 2- 3]، قال قتادة :: «من حيث لا يرجو ولا يُؤَمِّل»(12).
وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «لَوْأَنَّكُمْ كُنْتُمْ تَوَكَّلُونَ عَلَى اللهِ حَقَّ تَوَكُّلِهِ؛لَرَزَقَكُمْ كَمَا يَرْزُقُ الطَّيْرَ، أَلاتَرَوْنَ أَنَّهَا تَغْدُو خِمَاصًا وَتَرُوحُ بطَانًا»(13).
فالتَّوكُّل على الله عزوجل من أعظم الأسباب الَّتي يُسْتجلب بها الرِّزق ويُتوسَّل بها لقضاء الدَّيْن، قال بعض السَّلف: «بحسبك من التَّوسُّل إليه أنْ يعلمَ مِنْ قلبك حُسْنَ توكُّلِك عليه، فكم مِنْ عبدٍ من عباده قد فَوَّضَ إليه أمرَه فكفاه منه ما أهمَّه، ثم قرأ: ﴿وَمَن يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَل لَّهُ مَخْرَجًا * وَيَرْزُقْهُ مِنْ حَيْثُ لاَ يَحْتَسِبُ﴾ [الطلاق: 2- 3] (14)، ثمَّ لابدَّ مع التَّوكُّل من السَّعي الصادق، والعمل بالأسباب المشروعة، واتِّخاذ التَّدابير اللاَّزمة، وطرح الكسل والبطالة.
ومن أخلص في نيَّته وتوكُّله، وصدق في سعيه وهمَّته أدَّى عنه ربُّه وقُضِي ديْنُه، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «مَنْ أَخَذَ أَمْوَالَ النَّاسِ يُرِيدُ أَدَاءَهَا أَدَّاهَ االلَّهُ عَنْهُ، وَمَنْ أَخَذَهَا يُرِيدُ إِتْلاَفَهَا أَتْلَفَهُ اللَّهُ عز وجل»(15)

❁ الفائدةالثانية:
التَّوجُّه إلى الله تعالى وإنزال الحوائج به، ففضله عظيم، ورزقه كريم، قال الله تعالى: ﴿وَاسْأَلُواْ اللّهَ مِن فَضْلِهِ﴾ [النساء:32]، وقال: ﴿فَإِذَا فَرَغْتَ فَانصَب ﯤ وَإِلَى رَبِّكَ فَارْغَب﴾ [الشَّرح:7- 8]، أي ارغب إليه وحده ولا ترغب إلى غيره، وجاء في وصيَّته صلى الله عليه وسلم إلى عبد الله بن عبَّاس رضي الله عنه: «إِذَا سَأَلْتَ فَاسْأَلِ اللهَ، وَإِذَا اسْتَعَنْتَ فَاسْتَعِنْ باللهِ»، أي اسأله ولا تسأل أحدًا سواه؛«لأنَّ السُّؤال فيه إظهار الذُّلِّ من السَّائل والمسكنة والحاجة والافتقار، وفيه الاعتراف بقدرة المسؤول على رفع هذا الضُّرِّ ونيل المطلوب وجلب المنافع ودرء المضارِّ، ولا يصلح الذُّلُّ والافتقار إلاَّ لله وحده؛ لأنَّه حقيقة العبادة»(16).
إنَّ الله تعالى يحبُّ من عباده أن يسألوه ويطمعوا فيما عنده وينزلوا حوائجهم به، فإذا فعلوا ذلك؛ رَزَقَهم من خزائنه، وأغناهم من فضله،قَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: «مَنْ نَزَلَتْ بهِ فَاقَةٌ فَأَنْزَلَهَا بالنَّاسِ لَمْ تُسَدَّ فَاقَتُهُ، وَمَنْ نَزَلَتْ بهِ فَاقَةٌ فَأَنْزَلَهَا باللهِ فَيُوشِكُ اللهُ لَهُ برِزْقٍ عَاجِلٍ أَوْ آجِلٍ»(17).
فعلى المدين أن يوطِّن نفسه على سؤال ربِّه والرَّغبة في فضله، ويَدَعَ سؤال العبد الضَّعيف الَّذي إذا أَعطى منَّ، وإذا أحسن استعبد، إلاَّ من رحم الله تعالى.
قال عطاء: جاءني طاووس : فقال لي: «يا عطاء! إيَّاك أن ترفع حوائجك إلى مَنْ أغلق دونك بابه، وجعل دونك حجابًا، وعليك بطلب حوائجك إلى مَنْ بابُه مفتوح لك إلى يوم القيامة طلب منك أن تدعوَه، ووعدك الإجابة»(18).
ومن أصبح وأمسى لا يرجو إلاَّ ربَّه ولا يرغب إلاَّ فيما عنده كان غنيًّا قنوعًا، وعاش سعيدًا عزيزًا.
كان من دعاء الإمام المبجَّل أحمد ابن حنبل :: «اللَّهمَّ كما صُنْتَ وجهي عن السُّجود لغيرك، فصنْ وجهي عن المسألة لغيرك»(19).
ـــــــــــــــــــــــــ ــــ
❁ الفائدة الثَّالثة:
فضيلة هذا الدُّعاء وأهميَّته في قضاء الدَّيْن، فالدَّاعي يدعو ربَّه الرَّزَّاق ذا القوَّةِ المتين أن يرزقه الكفاية من الحلال، والاستغناء بفضله عمَّن سواه.
فمن حرص على هذا الدُّعاء وواظب عليه محقِّقًا شروط الإجابة مجتنبًا موانعها؛ كفاه الله وأغناه وأدَّى عنه وأعانه، مهما عَظُمَ ذلك الدَّين، فخزائنه عزوجل لا تنفد، ورزقه لا ينقص، قال النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم: «إِنَّ يَمِينَ اللهِ مَلأَى لاَيَغِيضُهَا نَفَقَةٌ سَحَّاءُ اللَّيْل وَالنَّهَار، أَرَأَيْتُمْ مَاأَنْفَقَ مُنْذُ خَلَقَ السَّمَوَاتِ وَالأَرْضَ فَإِنَّهُ لَمْ يَنْقُصْ مَافي يَمِينِهِ»(20)، ومن رزقه الله من فضله لم يحتجْ إلى غيره.
ـــــــــــــــــــــــــ ــــ
❁ الفائدة الرَّابعة:
فضيلة الحلال الطَّيِّب ورذالة الحرام الخبيث، إذ أنَّ البركة والخير في الأوَّل ولو كان قليلاً، والمحقُ والشَّرُّ في الثَّاني ولو كان كثيرًا، قال الله تعالى: ﴿قُل لاَّ يَسْتَوِي الْخَبِيثُ وَالطَّيِّبُ وَلَوْ أَعْجَبَكَ كَثْرَةُ الْخَبِيثِ فَاتَّقُواْ اللّهَ يَا أُوْلِي الأَلْبَابِ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُون﴾ [المائدة:100].
«والصَّحيح أنَّ اللَّفظ عامٌّ في جميع الأمور، يتصوَّر في المكاسب، والأعمال، والنَّاس، والمعارف من العلوم وغيرها؛ فالخبيث من هذا كلِّه لا يفلح ولا ينجب، ولا تحسن له عاقبة وإن كثر، والطَّيِّب وإن قلَّ نافعٌ جميلُ العاقبة»(21).
وقال تعالى: ﴿يَمْحَقُ اللّهُ الْرِّبَا وَيُرْبِي الصَّدَقَاتِ﴾ [البقرة:276].
المحقُ هو الذَّهاب والنَّقص ورفع البركة، ويُربي هنا الزيادة والنَّماء والبركة، فالله عزوجل: «يمحق مكاسب المُرَابِين، ويُرْبي صدقات المنفقين، عكس ما يتبادر لأذهان كثير من الخلق؛ أنَّ الإنفاق ينقص المال وأنَّ الرِّبا يزيده، فإنَّ مادَّة الرِّزق وحصول ثمراته من الله تعالى، وما عند الله لا ينال إلاَّ بطاعته وامتثال أمره، فالمتجرِّئ على الرِّبا، يعاقبه بنقيض مقصوده، وهذا مشاهد بالتَّجرِبَة: ﴿وَمَنْ أَصْدَقُ مِنَ اللّهِ قِيلا﴾ [النساء:122](22)»، فعلى العبد أن يسعى لكسب الحلال الطَّيِّب، ويرضى بما قسم الله له منه، ولا يغترَّ بكثرة الخبيث، فإنَّ عاقبته إلى قُلٍّ.
ـــــــــــــــــــــــــ ــــ
❁ الفائدة الخامسة:
ينبغي للعالم والمفتي والنَّاصح إرشادُ النَّاس إلى اللُّجوء إلى الله والفرار إليه والاعتصام به وتوحيده ودعائه، والرَّغبة فيما عنده، وقطع تعلُّقهم بالعباد وسؤالهم واستشرافهم لأموالهم، وهذا الَّذي فعله أميرُ المؤمنين عليُّ بن أبي طالب رضي الله عنه حيث أرشد السَّائل إلى أفضل ممَّا طلب، ودلَّه على خير ممَّا سأل، أرشده إلى التَّوجُّه إلى الله عزوجل وسؤاله الكفاية والغنى من فضله.
ومثل هذا؛ حديث عثمان بن أبي العاص رضي الله عنه أَنَّهُ شَكَا إلى رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم وَجَعًا يَجِدُهُ في جَسَدِهِ مُنْذُ أَسْلَمَ، فَقَالَ لَهُ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: «ضَعْ يَدَكَ عَلَى الَّذِي تَأَلَّمَ مِنْ جَسَدِكَ، وَقُلْ باسْمِ اللهِ ثَلاَثًا، وَقُلْ سَبْعَ مَرَّاتٍ: أَعُوذُ باللهِ وَقُدْرَتِهِ مِنْ شَرِّ مَا أَجِدُ وَأُحَاذِرُ»(23).
علَّمه هذا الدُّعاء وأرشده إلى التَّوجُّه إلى ربِّ الأرض والسَّماء الَّذي يكشف الضُّرَّ، ويشفي، وهو الشَّافي لا شفاء إلاَّ شفاؤه، شفاءً لا يغادر سَقَمًا، فقال ذلك؛ فشفاه الله وعافاه، جاء في رواية «الموطَّأ» لهذا الحديث (1686): «فَقُلْتُ ذَلِكَ؛ فَأَذْهَبَ اللهُ مَا كَانَ بي، فَلَمْ أَزَلْ آمُرُ بهَا أَهْلِي وَغَيْرَهُمْ».
وقد عَمِي عن هذا أولئك الرُّقاة المرتزقة ـ فضلاً عن غيرهم من المشعوذين ـ الَّذين لا همَّ لهم إلاَّ الاستحواذ على النَّاس واستغلال جهلهم وابتزاز أموالهم، فيفرحون بمجيئهم إليهم واكتظاظ محلاَّتهم بهم، والله المستعان على ما يفعلون.
ـــــــــــــــــــــــــ ــــ
❁ الفائدة السادسة:
ينبغي للمفتي والمعلِّم تذكير المتعلِّم أنَّه يريد نفعه وتعليمه وإيصال الخير إليه ويعرض عليه ذلك ابتداءً ليكون أوقع في نفسه فيشتدَّ تشوُّقه إليه وتُقبل نفسه عليه، فهو مقدِّمة استرعى بها نفسه لتفهيم ما يسمع ويقع منه بموقع»(24)، فالمكاتب لمَّا طلب الإعانة قال له عليٌّ رضي الله عنه: «ألا أعلِّمك كلمات»، فتأمَّل كيف عرض عليه أن يعلِّمه تلك الكلمات المباركات لعلَّ الله ينفعه بها، وهذه طريقة نافعة جدًّا في التَّعليم والدَّعوة إلى الله تعالى.
وقريب من هذا قول الله عزوجل لنبيِّه موسى ؛: ﴿اذْهَبْ إِلَى فِرْعَوْنَ إِنَّهُ طَغَى * فَقُلْ هَل لَّكَ إِلَى أَن تَزَكَّى * وَأَهْدِيَكَ إِلَى رَبِّكَ فَتَخْشَى﴾ [النازعات: 17- 19]، أتى بـ «هل» الدَّالَّة على العرض والمشاورة الَّتي لا يشمئزُّ منها أحد»(25).
وفي السُّنَّة الشَّريفة شيءٌ كثير من هذا، فقد كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يستفتح كلامه بقوله: «أَلاَأُخْبرُكُمْ»، «أَلاَأَدُلُّكُمْ»، «أَلاَأُنَبِّئُكُمْ»(26)، لإثارة انتباههم، وتشويقهم لكلامه، حتَّى تُقْبِلَ عليه نفوسهم وتعيه قلوبهم.
والله الموفِّق، لا إله إلاَّ هو، ولا ربَّ سواه، والحمد لله ربِّ العالمين.
ـــــــــــــــــــــــــ ــــ

References : 





No comments:

Post a Comment