أصل الدين محبة وخضوع. وإذا نقصت المحبة لله، كان في القلب عبودية لغير الله.
قال ابن تيمية -رحمه الله-،
الفتاوى الكبرى لابن تيمية (5/ 202):
«وَإِنَّمَا دِينُ الْحَقِّ هُوَ تَحْقِيقُ الْعُبُودِيَّةِ لِلَّهِ بِكُلِّ وَجْهٍ.
وَهُوَ تَحْقِيقُ مَحَبَّةِ اللَّهِ بِكُلِّ دَرَجَةٍ.
وَبِقَدْرِ تَكْمِيلِ الْعُبُودِيَّةِ تَكْمُلُ مَحَبَّةُ الْعَبْدِ لِرَبِّهِ، وَتَكْمُلُ مَحَبَّةُ الرَّبِّ لِعَبْدِهِ.
وَبِقَدْرِ نَقْصِ هَذَا يَكُونُ نَقْصُ هَذَا؛
وَكُلَّمَا كَانَ فِي الْقَلْبِ حُبٌّ لِغَيْرِ اللَّهِ، كَانَتْ فِيهِ عُبُودِيَّةٌ لِغَيْرِ اللَّهِ بِحَسَبِ ذَلِكَ.
وَكُلَّمَا كَانَ فِيهِ عُبُودِيَّةٌ لِغَيْرِ اللَّهِ، كَانَ فِيهِ حُبٌّ لِغَيْرِ اللَّهِ بِحَسَبِ ذَلِكَ.
وَكُلُّ مَحَبَّةٍ لَا تَكُونُ لِلَّهِ فَهِيَ بَاطِلَةٌ، وَكُلُّ عَمَلٍ لَا يُرَادُ بِهِ وَجْهُ اللَّهِ فَهُوَ بَاطِلٌ.
فَالدُّنْيَا مَلْعُونَةٌ مَلْعُونٌ مَا فِيهَا إلَّا مَا كَانَ لِلَّهِ.
وَلَا يَكُونُ لِلَّهِ إلَّا مَا أَحَبَّهُ اللَّهُ وَرَسُولُهُ، وَهُوَ الْمَشْرُوعُ.
فَكُلُّ عَمَلٍ أُرِيدَ بِهِ غَيْرُ اللَّهِ لَمْ يَكُنْ لِلَّهِ.
وَكُلُّ عَمَلٍ لَا يُوَافِقُ شَرْعَ اللَّهِ لَمْ يَكُنْ لِلَّهِ.
بَلْ لَا يَكُونُ لِلَّهِ إلَّا مَا جَمَعَ الْوَصْفَيْنِ:
أَنْ يَكُونَ لِلَّهِ.
وَأَنْ يَكُونَ مُوَافِقًا لِمَحَبَّةِ اللَّهِ وَرَسُولِهِ، وَهُوَ الْوَاجِبُ وَالْمُسْتَحَبُّ.
كَمَا
قَالَ: {فَمَنْ كَانَ يَرْجُوا لِقَاءَ رَبِّهِ فَلْيَعْمَلْ عَمَلا
صَالِحًا وَلا يُشْرِكْ بِعِبَادَةِ رَبِّهِ أَحَدًا}. (الكهف: 110).
فَلَا بُدَّ مِنْ الْعَمَلِ الصَّالِحِ، وَهُوَ الْوَاجِبُ وَالْمُسْتَحَبُّ.
وَلَا
بُدَّ أَنْ يَكُونَ خَالِصًا لِوَجْهِ اللَّهِ تَعَالَى، كَمَا قَالَ
تَعَالَى: {بَلَى مَنْ أَسْلَمَ وَجْهَهُ لِلَّهِ وَهُوَ مُحْسِنٌ فَلَهُ
أَجْرُهُ عِنْدَ رَبِّهِ وَلا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلا هُمْ يَحْزَنُونَ}.
(البقرة: 112).
وَقَالَ النَّبِيُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: «مَنْ عَمِلَ عَمَلًا لَيْسَ عَلَيْهِ أَمْرُنَا فَهُوَ رَدٌّ».
وَقَالَ
النَّبِيُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: «إنَّمَا الْأَعْمَالُ
بِالنِّيَّاتِ، وَإِنَّمَا لِكُلِّ امْرِئٍ مَا نَوَى؛ فَمَنْ كَانَتْ
هِجْرَتُهُ إلَى اللَّهِ وَرَسُولِهِ، فَهِجْرَتُهُ إلَى اللَّهِ
وَرَسُولِهِ، وَمَنْ كَانَتْ هِجْرَتُهُ لِدُنْيَا يُصِيبُهَا، أَوْ
امْرَأَةٍ يَتَزَوَّجُهَا، فَهِجْرَتُهُ إلَى مَا هَاجَرَ إلَيْهِ».
وَهَذَا
الْأَصْلُ هُوَ أَصْلُ الدِّينِ، وَبِحَسَبِ تَحْقِيقِهِ يَكُونُ
تَحْقِيقُ الدِّينِ، وَبِهِ أَرْسَلَ اللَّهُ الرُّسُلَ، وَأَنْزَلَ
الْكُتُبَ، وَإِلَيْهِ دَعَا الرَّسُولُ، وَعَلَيْهِ جَاهَدَ؛ وَبِهِ
أَمَرَ، وَفِيهِ رَغِبَ؛ وَهُوَ قُطْبُ الدِّينِ الَّذِي تَدُورُ عَلَيْهِ
رَحَاهُ.»اهـ.
http://mohammedbazmool.blogspot.in
No comments:
Post a Comment