خلال كلمة ألقاها فضيلة الشيخ العلامة ربيع بن هادي المدخلي حفظه الله إلى الإخوة بمسجد «السنة» في مدينة «فيلادلفيا» الأمريكية والتي كانت في يوم السبت 9/صفر/1434هـ الموافق لـ22/ديسمبر/2012، قال فضيلته: بسم الله الرحمن الرحيم، الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه ومن اتبع هداه، أما بعد: فأسأل الله أن يُبارك في هذا اللقاء، وأن يجعلنا وإيّاكم من الذين يستمعون القول فيتّبعون أحسنه، وإنّي أوصي نفسي، وإخواني، وأحبّائي بتقوى الله ـ تبارك وتعالى ـ في السرّ والعلن، وفي كل الأحوال مراقبة الله ـ تبارك وتعالى ـ (...)
وأوصي نفسي وإيّاهم بالاعتصام بحبل الله ـ عز وجل ـ كما وصّانا بذلك ربّنا ـ تبارك وتعالى ـ
﴿وَاعْتَصِمُوا بِحَبْلِ اللَّـهِ جَمِيعًا وَلَا تَفَرَّقُوا ۚ ﴾[آل عمران]، فيجب على الأمّة كلها أن تعتصم بحبل الله ـ كتاب الله وسنة رسوله ـ ﷺ ـ في عقائدها وعباداتها وفي سياستها وأخلاقها، وفي كل شئون حياتها، هذا أمر واجب على المسلمين جميعا، حُكّاما ومحكومين، علماء وطلاب علم وجُهّال، على الجميع أن يعتصم بكتاب الله ـ تبارك وتعالى ـ كما قلنا في عقائدهم إلى آخره.
وأن يجتنبوا أسباب الفرقة، كما قال هنا : ﴿وَلَا تَفَرَّقُوا ۚ﴾ فالفرقة شر و(...)، وتؤدّي بأهلها إلى الضلال، وإلى العداوة والبغضاء، وإلى سفك الدماء ـ (وعياذا بالله) ـ كما هي واقع الآن.
عدم الاعتصام بحبل الله يؤدّي إلى الفرقة، والفرقة تؤدّي إلى مشاكل لا نهاية لها ولا أول لها ولا آخر، لذا ـ الله سبحانه وتعالى ـ أمر بالاعتصام بحبله وهديه، ونهانا نهيا جازما عن التفرق، ولكن مع الأسف هذا أمر حصل!، حصل انصراف من كثير من الناس عن الاعتصام بحبل الله في عقائدهم وعباداتهم وسياساتهم، فوقعوا في الفرقة المشينة، والمهلكة ـ والعياذ بالله ـ ؛ فلن تخرج هذه الأمة من دوامة الفتن والتفرق إلا بالعودة إلى كتاب الله وسنّة رسوله والاعتصام بهما والعض عليهما بالنواجذ، كما قال رسول الله ـ ﷺ ـ : (( إنه من يعش منكم فسيرى اختلافا كثيرا، فعليكم بسنتي وسنة الخلفاء الراشدين المهديين، عضّوا عليها بالنواجذ، وإيّاكم ومحدثات الأمور فإن كل محدثة بدعة وكل بدعة ضلالة)).
وسنّة رسول الله ـ ﷺ ـ ، وسنة الخلفاء الراشدين، التمسك بحبل الله ـ تبارك وتعالى ـ من القرآن والسنّة، هذه سنّتهم وهذا هديهم، فعلينا أن نسلك هذا السبيل ـ الاعتصام بحبل الله ـ واهتداءً به في كل شئون عباداتنا وأخلاقنا وسياساتنا وعقائدنا، وأن نجتنب الفرقة، وأسبابها ـ خاصة ـ السلفيين، عليهم أن يتآخوا وأن يتعاونوا على البر والتقوى ـ بارك الله فيك ـ وأن يجتنبوا أسباب الفرقة، لأنها شرّ.
ابن مسعود ـ رضي الله عنه ـ أنكر على عثمان الصلاة أربعا في السفر بمنىً ـ ثم صلى معه ـ ، قالوا : كيف تنكر عليه ثم تصلي معه؟! قال : الخلاف شرّ.
هذا الذي عنده وعي وإدراك لمخاطر الفرقة يبتعد عنها وعن أسبابها.
فعلى السلفيين أن يتآخوا، وأن يطلبوا العلم من مصادره الأساسية، ويفهموا كتاب الله وسنّة رسوله ومنهج السلف الصالح، ومن ذلك التمسك بحبل الله والاعتصام به والابتعاد عن الفرقة وأسبابها ـ والعياذ بالله ـ فإنها ـ والله ـ شرّ .
وكثير ممن يدّعي السلفية في هذا (الأصل ) يبحثون عن (...) الخلافات والصراعات والنزاعات، وهؤلاء غير صادقين في سلفيتهم، ولو كانوا صادقين فيها لابتعدوا عن هذه الأسباب السيئة، الممزقة، والمفرقة، والمشتتة.
فعلينا ـ أيها الشباب ـ أن نعتصم بحبل الله، وأن نبتعد عن التفرق، وأن نتآخى فيما بيننا وأن نجتنب البدع، (...) رسول الله، نتمسك بما كان عليه السلف الصالح، (...) سنة رسول الله وصحابته الكرام ومن اتبعهم بإحسان في كل شأن من شئوننا، والله يقول : ﴿فَمَنِ اتَّبَعَ هُدَايَ فَلَا يَضِلُّ وَلَا يَشْقَىٰ (١٢٣) وَمَنْ أَعْرَضَ عَن ذِكْرِي فَإِنَّ لَهُ مَعِيشَةً ضَنكًا وَنَحْشُرُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ أَعْمَىٰ (١٢٤) قَالَ رَبِّ لِمَ حَشَرْتَنِي أَعْمَىٰ وَقَدْ كُنتُ بَصِيرًا ﴿١٢٥﴾ قَالَ كَذَٰلِكَ أَتَتْكَ آيَاتُنَا فَنَسِيتَهَا ۖ وَكَذَٰلِكَ الْيَوْمَ تُنسَىٰ (١٢٦)﴾[سورة طه].
﴿فَمَنِ اتَّبَعَ هُدَايَ فَلَا يَضِلُّ﴾[سورة طه]، الذي يحرص على مرضاة الله ـ عز وجل ـ ويتمسك بهديه ويتبع نصوص القرآن والسنة، هذا ضمان له من الوقوع في الضلال ( ...) في عقيدته وفي عبادته وفي سياسته، وفي كل مناحي حياته؛ ومعصوم من الشقاء، يحميه الله ـ تبارك وتعالى ـ بهذا الاعتصام، وبهذا التمسك، وبهذا الاتباع لهدي الله ـ عز وجل ـ يجنبه الله ـ تبارك وتعالى ـ الشقاء، ويدخله جنة عرضها السماوات والأرض أُعدّت للمتقين.
﴿وَمَنْ أَعْرَضَ عَن ذِكْرِي فَإِنَّ لَهُ مَعِيشَةً ضَنكًا وَنَحْشُرُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ أَعْمَىٰ (١٢٤)﴾[سورة طه].
هذا جزاء من أعرض عن كتاب الله، لا يهتدي به لا في عقيدته ولا في عبادته ولا في سياسته ولا في سائر شئون حياته، هذا الإعراض المهلك (...) معيشة ضنكا وعذابا خطيرا شديدا في الأخرى.
﴿وَنَحْشُرُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ أَعْمَىٰ (١٢٤)﴾[سورة طه]، يعني الكافر الذي أعرض عن هدي الله ـ تبارك وتعالى ـ وللمبتدع نصيبه من هذا، وللفساق المعرضين عن هدي الله لهم نصيب من هذا، الوعيد الشديد والوعد الأكيد.
﴿قَالَ رَبِّ لِمَ حَشَرْتَنِي أَعْمَىٰ وَقَدْ كُنتُ بَصِيرًا (١٢٥) قَالَ كَذَٰلِكَ أَتَتْكَ آيَاتُنَا فَنَسِيتَهَا ۖ﴾[سورة طه]، تركتها وتعاميت عنها فنحشرك اليوم أعمى .
فعلينا أيها الشباب أن نعتصم بكتاب الله، لا نعرض عن هدي الله (...) وإنما هو اتباع واعتصام وتمسك بهدي الله وعضٌّ على ذلك بالنواجذ؛ وابتعاد عن البدع وكل أنواع الضلال.
أسأل الله -تبارك وتعالى- أن يثبتنا وإياكم على الحق والهدى إن ربي سميع الدعاء.
وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم.
http://www.al-amen.com/vb/showthread.php?t=16504
No comments:
Post a Comment