Thursday, 1 January 2015

Manhaj ud Da'wah - Advice for Du'aat ابن باز

الدعاة إِلى الله جل وعلا عليهم أن يحرصوا على بذل الدعوة حيث أمكن ذلك؛ في المسجد، وفي المدرسة، وفي السجن، وفي أي مكان يتيسر لهم، وأن يعتنوا بهذا الأمر في الحاضرة والبادية، وفي الباخرة، وفي السيارة، وفي الطائرة، أينما كانوا، الدعاة لهم شأن عظيم، هم خلفاء الرسل، وهكذا جميع علماء الشريعة، والدعاة من خواص العلماء، والله بعث الرسل ليدعو إِلى الحق ويبشروا وينذروا، وعلى رأسهم إِمامهم وخاتمهم نبينا محمد عليه الصلاة والسلام.

فالواجب على العلماء وفقهم الله، وعلى الدعاة بوجه خاص، وعلى القضاة - الواجب على الجميع أن يتقوا الله، وأن يبلغوا دعوة الله حسب الطاقة والإِمكان كما قال الله عز وجل: قُلْ هَذِهِ سَبِيلِي أَدْعُو إِلَى اللَّهِ عَلَى بَصِيرَةٍ أَنَا وَمَنِ اتَّبَعَنِي


(الجزء رقم : 8، الصفحة رقم: 48)

وقال سبحانه: ادْعُ إِلَى سَبِيلِ رَبِّكَ بِالْحِكْمَةِ وَالْمَوْعِظَةِ الْحَسَنَةِ وَجَادِلْهُمْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ فعلى الداعي أينما كان والقاضي أينما كان وعلى كل من لديه علم أن يتقي الله ويبلغ حسب طاقته وحسب علمه، والواجب أن يحذر أن يدعو إِلى الله بغير علم: قُلْ هَذِهِ سَبِيلِي أَدْعُو إِلَى اللَّهِ عَلَى بَصِيرَةٍ الواجب على كل داعية وعالم وقاض ومرشد - الواجب عليهم أن يتقوا الله، وأن لا يقولوا بغير علم، ولا يتكلموا إِلا عن بصيرة وعن علم؛ حتى لا يضلوا الناس، وحتى يبلغوا الناس دعوة الله وأحكام الله على بصيرة، وأن يصبروا على الأذى في ذلك.

الواجب على الداعي إِلى الله أن يتأدب بالآداب الشرعية التي قال فيها سبحانه: ادْعُ إِلَى سَبِيلِ رَبِّكَ بِالْحِكْمَةِ وَالْمَوْعِظَةِ الْحَسَنَةِ وَجَادِلْهُمْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ فالحكمة: هي العلم بما قال الله عز وجل، وقال رسوله صلى الله عليه وسلم، مع وضع الأمور في مواضعها، فيتحرى ويضع الأمور في محلها والكلمة في محلها مع ذكر الدليل، قال الله عز وجل، قال الرسول صلى الله عليه وسلم، مع الترغيب والترهيب عند الحاجة. هكذا الداعي إِلى الله، وهكذا العالم في دروسه وفي دعوته إِلى الله عز وجل، وإِن كان غير معين من جهة ولاة الأمور للدعوة، لكنه مأمور من جهة الله؛ ليعالج الأمور بالدعوة إِلى الله، سواء كان معينًا من جهة ولاة الأمور أم لا.

والواجب على العلماء أن يقوموا بهذه المهمة، هذه مهمة الرسل عليهم الصلاة والسلام، وهي مهمة العلماء أيضًا، فالواجب على الجميع أن يدعو إِلى الله، وأن يبشروا الناس وينذروهم بالحكمة والرفق، وبالتي هي أحسن، لا بالعنف والشدة، ولا بالتشهير بأحد، قال فلان: كذا، أو فعل فلان كذا، فالمقصود: بيان الحق والدعوة

(الجزء رقم : 8، الصفحة رقم: 49)

إِلى الحق، الدعوة إِلى الالتزام بما شرع الله وبما أوجب الله، والحذر مما حرم الله ومما وقع في الناس من الشر، فعلى الداعي إِلى الله أن يحذر من الشر من دون بيان أنه فعل فلان كذا، وفعل فلان كذا. أو فعلت الدولة كذا، الواجب بيان المنكر والتحذير منه، وبيان الواجب والدعوة إِليه، والدعاء لولاة الأمور وللمسلمين جميعًا بالتوفيق والهداية وصلاح النية والعمل مع الرفق في كل شيء؛ لقول النبي صلى الله عليه وسلم: لا يكون الرفق في شيء إِلا زانه، ولا ينزع من شيء إِلا شانه ، ويقول صلى الله عليه وسلم: من يحرم الرفق يحرم الخير كله ، والأصل في هذا: قوله جل وعلا: فَبِمَا رَحْمَةٍ مِنَ اللَّهِ لِنْتَ لَهُمْ وَلَوْ كُنْتَ فَظًّا غَلِيظَ الْقَلْبِ لانْفَضُّوا مِنْ حَوْلِكَ وقال الله جلّ وعلا لموسى وهارون لما بعثهما إِلى فرعون: فَقُولا لَهُ قَوْلا لَيِّنًا لَعَلَّهُ يَتَذَكَّرُ أَوْ يَخْشَى

فالواجب على الدعاة الصبر والاحتساب، وتحري الحق، والعناية بالأدلة الشرعية والألفاظ الحسنة في دعوتهم، والرفق بالناس مهما أمكن إِلا الظالم، فإِن الظالم له شأن آخر، كما قال الله جل وعلا: وَلاَ تُجَادِلُوا أَهْلَ الْكِتَابِ إِلا بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ إِلا الَّذِينَ ظَلَمُوا مِنْهُمْ

فالظالم له شأن آخر يعامل بما يقتضيه ظلمه وردعه عن ظلمه، لكن في الجملة: الداعي إِلى الله يتحرى الكلمات الطيبة، ويتحرى الدعوة؛ بالحكمة، والكلام الطيب، والترغيب والترهيب، ويتجنب كل شيء يسبب الفرقة والاختلاف، ويسبب أيضًا الوحشة بينه وبين الإِخوان.

الواجب على الداعي وعلى العالم أن يتحرى الألفاظ المناسبة،

(الجزء رقم : 8، الصفحة رقم: 50)

وأن يرفق في أمره كله، وأن يحرص على الإِخلاص لله بأن يكون هدفه إِيصال دعوة الله إِلى عباد الله يرجو ثواب الله ويخشى عقابه، لا لرياء ولا سمعة، ولا عن فخر وخيلاء، ولكن يريد وجه الله والدار الآخرة، ثم يريد بعد ذلك نفع الناس، وإِصلاح أوضاعهم، وتقريبهم من الخير وإِبعادهم عن الشر، وجمع كلمتهم على الحق، هذا هو المقصود من الداعي والعالم، وهو مقصود الرسل عليهم الصلاة والسلام، فالمقصود: إِيضاح الحق للناس وبيان ما أوجب الله وما حرم الله، وترغيبهم في الخير وتحذيرهم من الشر، وجمع كلمتهم على تقوى الله ودينه، كما قال سبحانه: وَاعْتَصِمُوا بِحَبْلِ اللَّهِ جَمِيعًا وَلاَ تَفَرَّقُوا هكذا جاء القرآن وجاءت السنة، قال تعالى: الر كِتَابٌ أَنْـزَلْنَاهُ إِلَيْكَ لِتُخْرِجَ النَّاسَ مِنَ الظُّلُمَاتِ إِلَى النُّورِ ويقول عز وجل: كِتَابٌ أَنْـزَلْنَاهُ إِلَيْكَ مُبَارَكٌ لِيَدَّبَّرُوا آيَاتِهِ وَلِيَتَذَكَّرَ أُولُو الأَلْبَابِ

فالواجب على الدعاة إِلى الله جل وعلا أن يعتنوا بالدعوة، وأن يصبروا، وأن يتحروا الرفق والكلمات الواضحة ، وأن يحرصوا على جمع الكلمة وعلى تجنب أسباب الفرقة والاختلاف، لا مع الشباب ولا مع الشيب ولا مع الدولة ولا مع غيرها.

الواجب تحري الحق وتحري العبارات الحسنة التي توضح الحق وترشد إِليه وتمنع من الباطل، مع الرفق في كل الأمور واجتناب أسباب الفرقة والاختلاف إِلا من ظلم، أما من ظلم فله شأن آخر مع الهيئة ومع القضاة ومع ولاة الأمور، الظالم له شأنه وله حكمه، لكن في الجملة: الواجب هو تحري الحق والدعوة إِليه، كما قال الله جل وعلا: ادْعُ إِلَى سَبِيلِ رَبِّكَ بِالْحِكْمَةِ

(الجزء رقم : 8، الصفحة رقم: 51)

يعني: بما قال الله عز وجل، أو قال الرسول صلى الله عليه وسلم، مع تحري الوقت المناسب والكلمات المناسبة، ثم قال جل وعلا: وَالْمَوْعِظَةِ الْحَسَنَةِ يعني: الترغيب والترهيب بالعبارات الحسنة، وَجَادِلْهُمْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ عند الشبهة، وعند الخلاف، يكون الجدال بالتي هي أحسن، هكذا أمر جل وعلا ونهى بقوله: وَلاَ تُجَادِلُوا أَهْلَ الْكِتَابِ إِلا بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ

فالواجب على الدعاة وعلى العلماء وعلى كل ناصح أن يتحرى الحكمة والحق والرفق مع أهله ومع أولاده ومع جيرانه ومع المسلمين عمومًا في دعوته إِلى الله وإِرشاده أينما كان، ولا سيما فيما يتعلق بالشرك، فإِن الأمر عظيم، التوحيد والشرك هما أهم الأمور وأعظمها، والتوحيد هو أصل الدين. فالواجب في هذا الأمر العناية بإِيضاح الحق للناس في توحيد الله وإِرشادهم إِلى الالتزام به، وتحذيرهم من الشرك كله، دقيقه وكثيره، بالعبارات الحسنة الواضحة؛ لأن الإِنسان الذي ليس عنده علم يتأثر بكل شيء، فالواجب الرفق به، حتى يتبصر ويتعلم ويعرف دين الله، وهكذا من أسلم جديدًا يراعى ويلاحظ الرفق به حتى يتفقه في الدين، وهكذا عامة الناس يرفق بهم لكي يتبصروا ويتعلموا ويعرفوا دين الله، ويعرفوا توحيد الله والإِخلاص له، ويعلموا أن الواجب هو تخصيص الله بالعبادة: من الدعاء والخوف والرجاء والتوكل والرغبة والرهبة والذبح والنذر.. وغير ذلك من أنواع العبادة.

وكثير من الناس يصرف هذه العبادات لأصحاب القبور، أو للجن، أو للشجر والحجر في بلدان كثيرة، فالواجب على الدعاة إِلى الله - ولا سيما في المواضع التي يكثر فيها الجهلة، ويكون فيها من قد يدعو غير الله - أن يوضحوا الأمر لهم، وأن يصبروا على الأذى في ذلك، وأن يتحروا

(الجزء رقم : 8، الصفحة رقم: 52)

الرفق والعبارات الواضحة والألفاظ البينة؛ حتى يفهم المخاطب ما يريده الداعية، وحتى يرجع عما هو عليه من الباطل، وحتى يسأل عما أشكل عليه، وتجاب مسألته بما يتضح له به الأمر، ثم الدعوة إِلى الصلاة بعد ذلك والزكاة والصيام والحج بعدما يوضح له أمر الشهادتين، فالشهادتان هما الأهم، ثم بعد ذلك الصلاة والزكاة، والصلاة أمرها عظيم فهي عمود الإِسلام، والواجب أن يعتني بها العناية العظيمة في كل مكان بعد إِفهام الناس التوحيد والشرك، وما يتعلق بالصلاة بعد الشهادتين، فالصلاة الآن لا يخفى على كل من لديه علم ما وقع فيها من التساهل من كثير من الناس، فالواجب على الدعاة أن يعتنوا بالصلاة، وأن يحرضوا الناس على المبادرة إِليها والمحافظة عليها في الجماعة في مساجد الله، وهكذا مع النساء في البيوت ومع الأولاد، كل إِنسان يعتني بأولاده، بذكورهم وإِناثهم، ويعتني بزوجته، ويعتني بأخواته وإِخوانه، ويعتني بجيرانه في كل شيء، ولكن أهم شيء الصلاة بعد الشهادتين من حفظها حفظ دينه ومن ضيعها فهو لما سواها أضيع، يقول النبي صلى الله عليه وسلم: بين الرجل وبين الشرك والكفر ترك الصلاة ، ويقول النبي صلى الله عليه وسلم: العهد الذي بيننا وبينهم الصلاة، فمن تركها فقد كفر ، ويقول عليه الصلاة والسلام: رأس الأمر الإِسلام، وعموده الصلاة .

ويقول عمر رضي الله عنه فيما يكتب لعماله: (إِن أهم أمركم عندي الصلاة، فمن حفظها حفظ دينه، ومن ضيعها فهو لما سواها أضيع).

والله ولي التوفيق، وهو المسئول أن يصلح أحوالنا جميعًا ويهدينا صراطه المستقيم، وأن يعيذنا جميعًا من مضلات الفتن ونزغات الشيطان، إِنه ولي ذلك والقادر عليه.

وصلى الله وسلم على نبينا محمد، وآله وصحبه. 

No comments:

Post a Comment