قال : ((أَرْبَعُ خِلَالٍ إِذَا أُعطِيتَهُنَّ فَلَا يَضُرُّكَ مَا عُزِلَ عَنْكَ مِن الدُّنْيَا ))
v الأمر الأول: ((حُسْنُ خَلِيقَةٍ)) أي أن تعامل الناس بالأخلاق الحسنه وبالآداب الكريمة ، والإنسان الذي يجلس في التجارة وفي البيع والشراء يُعاين من أصناف أخلاقيات الناس وطبائع الناس وأيضًا سيء المعاملة من الناس يعاين من ذلك شيئاً كثيراً ، ودوام الاحتكاك مع الناس في البيع والشراء والمعاملات تؤثر على أخلاقه تأثيراً سلبياً إن لم يُحافظ على هذه الركيزة المبيَّنة في هذا الحديث «حُسْنُ الخَلِيقَة» ؛ فيصبح في صراع مع نفسه بالمحافظة على حُسن خلقه، لا أن يبيع أخلاقه في السوق باحتكاكه بالسُّوقة من الناس وسيئي الأخلاق من الناس ، لا يبيع أخلاقه ، بعض الناس أصبح - والعياذ بالله- بسبب معايشته لأصنافٍ من الناس بسبب حاجته للبيع والتجارة أصبح لعّاناً طعّاناً بذيئاً سيء خلق ، اكتسبها في تجارته وفي معاملته للناس ، فضيّع هذه الخصلة بسبب اقتحامه التجارة ودخوله فيها دون محافظةٍ على هذه الركيزة العظيمة .
إذًا التاجر المسلم الناصح لنفسه ينبغي أن يكون حسَن الخليقة حسَن الخُلق ، ويحافظ على حُسن خلقه مدّة اشتغاله بالتجارة ، ولا يجعل التجارة واحتكاكه بالناس سببًا لضياع الأخلاق ، وماذا يربح الإنسان إذا حصَّل مالاً من الدنيا وفسدت أخلاقه ؟! ما هو الربح الذي حصَّله الإنسان إذا حصَّل أموال كثيرة ولكن فسدت أخلاقه والعياذ بالله ؟! ماذا تغني عنه أمواله وماذا تنفعه إذا فسدت الأخلاق ؟! فهذا الأمر الأول .
v الأمر الثاني قال : ((وَعَفَافُ طُعْمَةٍ)) ؛ أن يتعفف في طعامه وذلك بالحرص على اكتساب الحلال والبُعد عن الحرام والمتشابه ، وقد قال عليه الصلاة والسلام : (( إِنَّ الْحَلَالَ بَيِّنٌ وَإِنَّ الْحَرَامَ بَيِّنٌ وَبَيْنَهُمَا مُشْتَبِهَاتٌ لَا يَعْلَمُهُنَّ كَثِيرٌ مِنْ النَّاسِ ، فَمَنْ اتَّقَى الشُّبُهَاتِ اسْتَبْرَأَ لِدِينِهِ وَعِرْضِهِ ، وَمَنْ وَقَعَ فِي الشُّبُهَاتِ وَقَعَ فِي الْحَرَامِ كَالرَّاعِي يَرْعَى حَوْلَ الْحِمَى يُوشِكُ أَنْ يَرْتَعَ فِيهِ ، أَلَا وَإِنَّ لِكُلِّ مَلِكٍ حِمًى أَلَا وَإِنَّ حِمَى اللَّهِ مَحَارِمُهُ )) الحديث.
فيحرص على عفّة المطعم مدة كسبه للتجارة وبحثه عن الأرباح يبحث عن العفة في المطعم ؛ أي الطعام العفيف الذي ليس فيه حرام وليس فيه أيضًا شائبة حرام ، فإذا كان البيع فيه ربا ، إذا كان البيع فيه غش ، إذا كان البيع فيه تدليس ، إذا كان البيع فيه صورة من الصور المحرمة في الشريعة ، إذا كان فيه أي شيء من هذه الأمور لا يدخل في هذا البيع؛ لماذا ؟ لأنه من الأصول الثابتة عنده - عندما دخل التجارة - عفّة المطعم ، لا يساوم في عفة مطعمه ، فعفة المطعم أساسٌ عنده ، ويبحث عن الربح بحيث لا ينخرم هذا الأمر الذي هو عفة المطعم .
بينما بعض الناس يدخل التجارة وميدان الربح ولا يبالي في قضيه عفة المطعم ، لا يبالي بالمال الذي اكتسبه هل هو من حلال أو من حرام ؟ بل بعضهم كما أشار بعض أهل العلم ومنهم شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله بعضهم قاعدته في هذا الباب : « الحلال ما حلَّ بيدك ، والحرام ما حُرِمتَ منه» ، فالذي حلّ باليد ومسكته اليد من أي طريق جاء هو الحلال ، والحرام ما لم تَطُله يده وما لم ينله فهذا هو الحرام ما حُرم منه ، هذه قاعدة بعض الناس في هذا الباب فهو لا يبالي بحلال أو بحرام ؛ فهذا انخرمت عنده هذه القاعدة وضاعت - والعياذ بالله - عفة المطعم ، وقد قال عليه الصلاة والسلام : ((كُلُّ لَحْمٍ نَبَتَ مِنْ سُحْتٍ فَالنَّارُ أَوْلَى بِهِ)) ، ((وذكر عليه الصلاة والسلام الرَّجُلَ يُطِيلُ السَّفَرَ أَشْعَثَ أَغْبَرَ يَمُدُّ يَدَيْهِ إِلَى السَّمَاءِ يَا رَبِّ يَا رَبِّ ، وَمَطْعَمُهُ حَرَامٌ وَمَشْرَبُهُ حَرَامٌ وَمَلْبَسُهُ حَرَامٌ وَغُذِيَ بِالْحَرَامِ؛ فَأَنَّى يُسْتَجَابُ لِذَلِكَ )) أي كيف يستجاب لمن كانت هذه حاله ؟! ولهذا قال بعض السلف : «أطِب مطعمك تُستَجب دعوتك» أخذًا لهذا من حديث النبي عليه الصلاة والسلام .
إذًا من القواعد التي ينبغي على التاجر المسلم أن لا يُساوم فيها وأن يحافظ عليها أشد المحافظة : طيب المطعم ، ولهذا قال بعض السلف : «من فقه الرجل مأكله ومشربه وممشاه» ؛ أي لا يأكل كل طعام ، ولا يشرب كل شراب ، وإنما يتفقّه ؛ فإذا كان طيِّباً طَعِمَهُ وشَرِبَه ، وإذا كان حراماً أو مشتبهًا تركه وابتعد عنه ، لأن من الأصول الثابتة عنده : طيب المطعم ، لا يساوم في هذا الأمر ؛ قال : ((وَعَفَافُ طُعْمَةٍ)) أي أن يكون ما يطعمه الإنسان ويتغذّاه ويشربه شيئا عفيفًا لا حرمة فيه ، وليس أيضاً أمراً مشتبه ، بل لا يطعم ولا يُدخل لجوفه ولا لجوف أبنائه ومَنْ يُنفق عليهم إلا الطعام العفيف الطعام الطيّب الطعام الحلال ، فهذا من الأمور الثابتة الراسخة عنده .
v الأمر الثالث قال : ((وَصِدْقُ حَدِيثٍ)) ؛ لا يكذب بل يحافظ على الصدق ، وعندما يُحدِّث الناس في بيعه وشرائه دائماً يكون صادقاً ، إذا قال لهم "هذه البضاعة جديدة" فهو صادق في كلامه ، إذا قال "هذا النوع أصيل ليس بكذا " يكون صادقاً في كلامه ، "هذا من اليوم ليس من الأمس" صادق في كلامه ، فمسألة الصدق تعتبر أساس عنده لا يساوم فيها ، وهو في نفسه يقول : "ماذا يغني عني من الله شيئاً إذا كسبت من هذا ريـال ومن ذاك ريالان أو عشرة أو ألف أو أكثر ولكن ضاع مني خُلق الصدق وأصبحتُ كذّاباً ؟! " ، وقد قال عليه الصلاة والسلام : ((إِيَّاكُمْ وَالْكَذِبَ فَإِنَّ الْكَذِبَ يَهْدِي إِلَى الْفُجُورِ ، وَإِنَّ الْفُجُورَ يَهْدِي إِلَى النَّار ِ)) ؛ فهو لا يكذب ، والرزق على الله سبحانه وتعالى ، الرزّاق هو الله سبحانه وتعالى ، لا يكذب من أجل أن يربح ريالاً أو يربح ريالات أو عشرات أو آلاف ، لا يكذب ، الصدق أساس عنده لا يساوم فيه ، وليست الريالات أو الدراهم هي التي تضيِّع خُلق الصدق عنده ، لأن الصدق أصل ثابت وأساس لا يساوم فيه ولا يضيِّعه .
بينما بعض الناس أخلاقياته تَفسُد مع ممارسة البيع والحرص على الدنيا والحرص على المكاسب ويُبتَلى بمبايعات معيّنة فيجد نفسه منساقاً إلى الكذب ، وربما يحلف أيمانا مغلّظة , وقد قال عليه الصلاة والسلام : ((ثَلَاثَةٌ لَا يَنْظُرُ اللَّهُ إِلَيْهِمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَلَا يُزَكِّيهِمْ وَلَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ)) وذكر منهم المنفق سلعته بالأيمان الكاذبة -والعياذ بالله- . فبعضهم من أجل الربح باع الصدق وأصبح يكذب ويحلف أيضًا كاذباً في سبيل اكتساب شيء من الدنيا ومتاعها الزائل - والعياذ بالله - . فإذًا التاجر المسلم الناصح لنفسه لا يساوم في الصِّدق مهما كان الربح ومهما كانت التجارة ومهما كانت المعاملة لا يساوم في الصدق أبدًا .
v والأمر الرابع قال : ((وَحِفْظُ أَمَانَةٍ)) ؛ أمين في تعاملاته ؛ أمينٌ لا يغش ، أمينٌ لا يخدع ، أمينٌ لا يمكر ، أمينٌ في حفظ حقوق الناس ، أمينٌ في إعادة أموالهم ، الأمانة محفوظة عنده ليست مضيّعة ، يرعى للأمانة حقّها ولا يساوم في ذلك . وقد يبتلى الإنسان عندما يدخل باب التجارة بامتحانات يبتلى بها ؛ هل يحافظ على الأمانة ؟ أو يضيِّع الأمانة في سبيل أن يُحصّل مالاً أو يُحصّل شيئًا من متاع الدنيا ؟ فبعض الناس يسقط في الامتحان ، بل كثير من الناس يسقط في الامتحان ويضيِّع الأمانة في سبيل أن يكسب مالًا أو عرضاً من عرض الدنيا أو متاع الدنيا .
فحقيقةً هذا الحديث حديثٌ عجيب جداً وعظيم في بابه ، وينبغي على كل مَنْ دخل باب التجارة أن يكون هذا الحديث عنده محفوظاً ومعلوماً ومعتنًى به عنايةً فائقةً .
وأيضاً أقول مرة ثانية هذا الحديث ينبغي أن يُشاع بين التجار وبين المشتغلين بالتجارة ، يُشاع بينهم ويُنشَر بينهم نشراً للخير ودعوةً له ؛ حتى تكون هذه الأمور الأربعة ركائز وأسس لا يساوم عليها التاجر ولا يُضيِّع منها شيئاً ، والنبي عليه الصلاة والسلام يقول لك : ((لَا يَضُرُّكَ مَا فَاتَكَ)) ، وهنا يقول : ((فَلَا يَضُرُّكَ مَا عُزِلَ عَنْكَ مِن الدُّنْيَا )) ؛ لا يأتيك الشيطان أو نفسك الأمّارة بالسوء وتقول "والله دخلت في السوق بالصدق وبضاعتي ما تمشي ، ما تمشي إلا بضاعة الكذّابين من حولي ، يكذبون على الناس ويقولون والله هذا جديد ويحلفون وتجارتهم تمشي" ، لا يضرُّك ما فاتك ، الناس تمشي تجارتهم من حولك بغير الصدق ولم تمشِ تجارتك ، النبي صلى الله عليه وسلم يقول لك : ((لَا يَضُرُّكَ)) خذها نصيحةً من نبيك عليه الصلاة والسلام ، لا يضرك والعاقبة لك أنت في الدنيا والآخرة ، وسترى ذلك في صبرك على السُّنة ومحافظتك على وصايا النبي الكريم عليه الصلاة والسلام ((لَا يَضُرُّكَ مَا فَاتَكَ)) ، ((لَا يَضُرُّكَ مَا عُزِلَ عَنْكَ مِن الدُّنْيَا)) .
لماذا يقول ((لَا يَضُرُّكَ مَا عُزِلَ عَنْكَ)) ؟ لأنك تُمتَحن في هذا الباب بأن تقول لك نفسك : "سيفوتني الربح ، ستفوتني التجارة " فلا يأتيك الشيطان من هذا الباب ، ولا تأتيك نفسك الأمارة بالسوء من هذا الباب ، واجعل كلام النبي عليه الصلاة والسلام نصب عينيك، اجعل قوله ((لَا يَضُرُّكَ مَا فَاتَكَ مِن الدُّنْيَا)) أصلٌ بين عينيك ، وحافظ على هذه الأمور الأربعة والركائز الأربعة العظيمة التي ذكرها النبي عليه الصلاة والسلام في هذا الحديث العظيم .
v الأمر الأول: ((حُسْنُ خَلِيقَةٍ)) أي أن تعامل الناس بالأخلاق الحسنه وبالآداب الكريمة ، والإنسان الذي يجلس في التجارة وفي البيع والشراء يُعاين من أصناف أخلاقيات الناس وطبائع الناس وأيضًا سيء المعاملة من الناس يعاين من ذلك شيئاً كثيراً ، ودوام الاحتكاك مع الناس في البيع والشراء والمعاملات تؤثر على أخلاقه تأثيراً سلبياً إن لم يُحافظ على هذه الركيزة المبيَّنة في هذا الحديث «حُسْنُ الخَلِيقَة» ؛ فيصبح في صراع مع نفسه بالمحافظة على حُسن خلقه، لا أن يبيع أخلاقه في السوق باحتكاكه بالسُّوقة من الناس وسيئي الأخلاق من الناس ، لا يبيع أخلاقه ، بعض الناس أصبح - والعياذ بالله- بسبب معايشته لأصنافٍ من الناس بسبب حاجته للبيع والتجارة أصبح لعّاناً طعّاناً بذيئاً سيء خلق ، اكتسبها في تجارته وفي معاملته للناس ، فضيّع هذه الخصلة بسبب اقتحامه التجارة ودخوله فيها دون محافظةٍ على هذه الركيزة العظيمة .
إذًا التاجر المسلم الناصح لنفسه ينبغي أن يكون حسَن الخليقة حسَن الخُلق ، ويحافظ على حُسن خلقه مدّة اشتغاله بالتجارة ، ولا يجعل التجارة واحتكاكه بالناس سببًا لضياع الأخلاق ، وماذا يربح الإنسان إذا حصَّل مالاً من الدنيا وفسدت أخلاقه ؟! ما هو الربح الذي حصَّله الإنسان إذا حصَّل أموال كثيرة ولكن فسدت أخلاقه والعياذ بالله ؟! ماذا تغني عنه أمواله وماذا تنفعه إذا فسدت الأخلاق ؟! فهذا الأمر الأول .
v الأمر الثاني قال : ((وَعَفَافُ طُعْمَةٍ)) ؛ أن يتعفف في طعامه وذلك بالحرص على اكتساب الحلال والبُعد عن الحرام والمتشابه ، وقد قال عليه الصلاة والسلام : (( إِنَّ الْحَلَالَ بَيِّنٌ وَإِنَّ الْحَرَامَ بَيِّنٌ وَبَيْنَهُمَا مُشْتَبِهَاتٌ لَا يَعْلَمُهُنَّ كَثِيرٌ مِنْ النَّاسِ ، فَمَنْ اتَّقَى الشُّبُهَاتِ اسْتَبْرَأَ لِدِينِهِ وَعِرْضِهِ ، وَمَنْ وَقَعَ فِي الشُّبُهَاتِ وَقَعَ فِي الْحَرَامِ كَالرَّاعِي يَرْعَى حَوْلَ الْحِمَى يُوشِكُ أَنْ يَرْتَعَ فِيهِ ، أَلَا وَإِنَّ لِكُلِّ مَلِكٍ حِمًى أَلَا وَإِنَّ حِمَى اللَّهِ مَحَارِمُهُ )) الحديث.
فيحرص على عفّة المطعم مدة كسبه للتجارة وبحثه عن الأرباح يبحث عن العفة في المطعم ؛ أي الطعام العفيف الذي ليس فيه حرام وليس فيه أيضًا شائبة حرام ، فإذا كان البيع فيه ربا ، إذا كان البيع فيه غش ، إذا كان البيع فيه تدليس ، إذا كان البيع فيه صورة من الصور المحرمة في الشريعة ، إذا كان فيه أي شيء من هذه الأمور لا يدخل في هذا البيع؛ لماذا ؟ لأنه من الأصول الثابتة عنده - عندما دخل التجارة - عفّة المطعم ، لا يساوم في عفة مطعمه ، فعفة المطعم أساسٌ عنده ، ويبحث عن الربح بحيث لا ينخرم هذا الأمر الذي هو عفة المطعم .
بينما بعض الناس يدخل التجارة وميدان الربح ولا يبالي في قضيه عفة المطعم ، لا يبالي بالمال الذي اكتسبه هل هو من حلال أو من حرام ؟ بل بعضهم كما أشار بعض أهل العلم ومنهم شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله بعضهم قاعدته في هذا الباب : « الحلال ما حلَّ بيدك ، والحرام ما حُرِمتَ منه» ، فالذي حلّ باليد ومسكته اليد من أي طريق جاء هو الحلال ، والحرام ما لم تَطُله يده وما لم ينله فهذا هو الحرام ما حُرم منه ، هذه قاعدة بعض الناس في هذا الباب فهو لا يبالي بحلال أو بحرام ؛ فهذا انخرمت عنده هذه القاعدة وضاعت - والعياذ بالله - عفة المطعم ، وقد قال عليه الصلاة والسلام : ((كُلُّ لَحْمٍ نَبَتَ مِنْ سُحْتٍ فَالنَّارُ أَوْلَى بِهِ)) ، ((وذكر عليه الصلاة والسلام الرَّجُلَ يُطِيلُ السَّفَرَ أَشْعَثَ أَغْبَرَ يَمُدُّ يَدَيْهِ إِلَى السَّمَاءِ يَا رَبِّ يَا رَبِّ ، وَمَطْعَمُهُ حَرَامٌ وَمَشْرَبُهُ حَرَامٌ وَمَلْبَسُهُ حَرَامٌ وَغُذِيَ بِالْحَرَامِ؛ فَأَنَّى يُسْتَجَابُ لِذَلِكَ )) أي كيف يستجاب لمن كانت هذه حاله ؟! ولهذا قال بعض السلف : «أطِب مطعمك تُستَجب دعوتك» أخذًا لهذا من حديث النبي عليه الصلاة والسلام .
إذًا من القواعد التي ينبغي على التاجر المسلم أن لا يُساوم فيها وأن يحافظ عليها أشد المحافظة : طيب المطعم ، ولهذا قال بعض السلف : «من فقه الرجل مأكله ومشربه وممشاه» ؛ أي لا يأكل كل طعام ، ولا يشرب كل شراب ، وإنما يتفقّه ؛ فإذا كان طيِّباً طَعِمَهُ وشَرِبَه ، وإذا كان حراماً أو مشتبهًا تركه وابتعد عنه ، لأن من الأصول الثابتة عنده : طيب المطعم ، لا يساوم في هذا الأمر ؛ قال : ((وَعَفَافُ طُعْمَةٍ)) أي أن يكون ما يطعمه الإنسان ويتغذّاه ويشربه شيئا عفيفًا لا حرمة فيه ، وليس أيضاً أمراً مشتبه ، بل لا يطعم ولا يُدخل لجوفه ولا لجوف أبنائه ومَنْ يُنفق عليهم إلا الطعام العفيف الطعام الطيّب الطعام الحلال ، فهذا من الأمور الثابتة الراسخة عنده .
v الأمر الثالث قال : ((وَصِدْقُ حَدِيثٍ)) ؛ لا يكذب بل يحافظ على الصدق ، وعندما يُحدِّث الناس في بيعه وشرائه دائماً يكون صادقاً ، إذا قال لهم "هذه البضاعة جديدة" فهو صادق في كلامه ، إذا قال "هذا النوع أصيل ليس بكذا " يكون صادقاً في كلامه ، "هذا من اليوم ليس من الأمس" صادق في كلامه ، فمسألة الصدق تعتبر أساس عنده لا يساوم فيها ، وهو في نفسه يقول : "ماذا يغني عني من الله شيئاً إذا كسبت من هذا ريـال ومن ذاك ريالان أو عشرة أو ألف أو أكثر ولكن ضاع مني خُلق الصدق وأصبحتُ كذّاباً ؟! " ، وقد قال عليه الصلاة والسلام : ((إِيَّاكُمْ وَالْكَذِبَ فَإِنَّ الْكَذِبَ يَهْدِي إِلَى الْفُجُورِ ، وَإِنَّ الْفُجُورَ يَهْدِي إِلَى النَّار ِ)) ؛ فهو لا يكذب ، والرزق على الله سبحانه وتعالى ، الرزّاق هو الله سبحانه وتعالى ، لا يكذب من أجل أن يربح ريالاً أو يربح ريالات أو عشرات أو آلاف ، لا يكذب ، الصدق أساس عنده لا يساوم فيه ، وليست الريالات أو الدراهم هي التي تضيِّع خُلق الصدق عنده ، لأن الصدق أصل ثابت وأساس لا يساوم فيه ولا يضيِّعه .
بينما بعض الناس أخلاقياته تَفسُد مع ممارسة البيع والحرص على الدنيا والحرص على المكاسب ويُبتَلى بمبايعات معيّنة فيجد نفسه منساقاً إلى الكذب ، وربما يحلف أيمانا مغلّظة , وقد قال عليه الصلاة والسلام : ((ثَلَاثَةٌ لَا يَنْظُرُ اللَّهُ إِلَيْهِمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَلَا يُزَكِّيهِمْ وَلَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ)) وذكر منهم المنفق سلعته بالأيمان الكاذبة -والعياذ بالله- . فبعضهم من أجل الربح باع الصدق وأصبح يكذب ويحلف أيضًا كاذباً في سبيل اكتساب شيء من الدنيا ومتاعها الزائل - والعياذ بالله - . فإذًا التاجر المسلم الناصح لنفسه لا يساوم في الصِّدق مهما كان الربح ومهما كانت التجارة ومهما كانت المعاملة لا يساوم في الصدق أبدًا .
v والأمر الرابع قال : ((وَحِفْظُ أَمَانَةٍ)) ؛ أمين في تعاملاته ؛ أمينٌ لا يغش ، أمينٌ لا يخدع ، أمينٌ لا يمكر ، أمينٌ في حفظ حقوق الناس ، أمينٌ في إعادة أموالهم ، الأمانة محفوظة عنده ليست مضيّعة ، يرعى للأمانة حقّها ولا يساوم في ذلك . وقد يبتلى الإنسان عندما يدخل باب التجارة بامتحانات يبتلى بها ؛ هل يحافظ على الأمانة ؟ أو يضيِّع الأمانة في سبيل أن يُحصّل مالاً أو يُحصّل شيئًا من متاع الدنيا ؟ فبعض الناس يسقط في الامتحان ، بل كثير من الناس يسقط في الامتحان ويضيِّع الأمانة في سبيل أن يكسب مالًا أو عرضاً من عرض الدنيا أو متاع الدنيا .
فحقيقةً هذا الحديث حديثٌ عجيب جداً وعظيم في بابه ، وينبغي على كل مَنْ دخل باب التجارة أن يكون هذا الحديث عنده محفوظاً ومعلوماً ومعتنًى به عنايةً فائقةً .
وأيضاً أقول مرة ثانية هذا الحديث ينبغي أن يُشاع بين التجار وبين المشتغلين بالتجارة ، يُشاع بينهم ويُنشَر بينهم نشراً للخير ودعوةً له ؛ حتى تكون هذه الأمور الأربعة ركائز وأسس لا يساوم عليها التاجر ولا يُضيِّع منها شيئاً ، والنبي عليه الصلاة والسلام يقول لك : ((لَا يَضُرُّكَ مَا فَاتَكَ)) ، وهنا يقول : ((فَلَا يَضُرُّكَ مَا عُزِلَ عَنْكَ مِن الدُّنْيَا )) ؛ لا يأتيك الشيطان أو نفسك الأمّارة بالسوء وتقول "والله دخلت في السوق بالصدق وبضاعتي ما تمشي ، ما تمشي إلا بضاعة الكذّابين من حولي ، يكذبون على الناس ويقولون والله هذا جديد ويحلفون وتجارتهم تمشي" ، لا يضرُّك ما فاتك ، الناس تمشي تجارتهم من حولك بغير الصدق ولم تمشِ تجارتك ، النبي صلى الله عليه وسلم يقول لك : ((لَا يَضُرُّكَ)) خذها نصيحةً من نبيك عليه الصلاة والسلام ، لا يضرك والعاقبة لك أنت في الدنيا والآخرة ، وسترى ذلك في صبرك على السُّنة ومحافظتك على وصايا النبي الكريم عليه الصلاة والسلام ((لَا يَضُرُّكَ مَا فَاتَكَ)) ، ((لَا يَضُرُّكَ مَا عُزِلَ عَنْكَ مِن الدُّنْيَا)) .
لماذا يقول ((لَا يَضُرُّكَ مَا عُزِلَ عَنْكَ)) ؟ لأنك تُمتَحن في هذا الباب بأن تقول لك نفسك : "سيفوتني الربح ، ستفوتني التجارة " فلا يأتيك الشيطان من هذا الباب ، ولا تأتيك نفسك الأمارة بالسوء من هذا الباب ، واجعل كلام النبي عليه الصلاة والسلام نصب عينيك، اجعل قوله ((لَا يَضُرُّكَ مَا فَاتَكَ مِن الدُّنْيَا)) أصلٌ بين عينيك ، وحافظ على هذه الأمور الأربعة والركائز الأربعة العظيمة التي ذكرها النبي عليه الصلاة والسلام في هذا الحديث العظيم .
والله أعلم ، وصلى الله وسلَّم على عبد الله ورسوله نبينا محمد وآله وصحبه أجمعين .
%%%%
الرابط
http://al-badr.net/detail/qPTVUEt4I0sA
Summary :
1- Good character (well mannered)
2- being modest & satisfied with Halal
3- Truthfulness
4- Trustworthyness
No comments:
Post a Comment