فوائد من شرح الشيخ صالح آل الشيخ :
-ث-
من وحّد الله وأطاع الرسول واتبع دين الإسلام لا يجوز له أن يوالي من حاد الله ورسوله ولو كان أقرب قريب ولو كان ذلك أباه أو أمه أو أخاه أو أخته أو قريبه وذلك لقوله تعالى :{لَّا تَجِدُ قَوْمًا يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ يُوَادُّونَ مَنْ حَادَّ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَلَوْ كَانُوا آبَاءَهُمْ أَوْ أَبْنَاءَهُمْ أَوْ إِخْوَانَهُمْ أَوْ عَشِيرَتَهُمْ ۚ أُولَٰئِكَ كَتَبَ فِي قُلُوبِهِمُ الْإِيمَانَ وَأَيَّدَهُم بِرُوحٍ مِّنْهُ ۖ وَيُدْخِلُهُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِن تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا ۚ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ وَرَضُوا عَنْهُ ۚ أُولَٰئِكَ حِزْبُ اللَّهِ ۚ أَلَا إِنَّ حِزْبَ اللَّهِ هُمُ الْمُفْلِحُونَ} [المجادلة : 22] وقوله سبحانه : {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَتَّخِذُوا آبَاءَكُمْ وَإِخْوَانَكُمْ أَوْلِيَاءَ إِنِ اسْتَحَبُّوا الْكُفْرَ عَلَى الْإِيمَانِ ۚ وَمَن يَتَوَلَّهُم مِّنكُمْ فَأُولَٰئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ} [التوبة : 23] وقوله عز وجل : {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَتَّخِذُوا الْيَهُودَ وَالنَّصَارَىٰ أَوْلِيَاءَ ۘ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ ۚ وَمَن يَتَوَلَّهُم مِّنكُمْ فَإِنَّهُ مِنْهُمْ ۗ إِنَّ اللَّهَ لَا يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ} [المائدة : 51]-أصل الدين الذي هو من معنى كلمة التوحيد الولاء والبراء ،الولاء للمؤمنين وللإيمان والبراءة من المشركين والشرك ولهذا يعرف العلماء الإسلام بأنه الإستسلام لله بالتوحيد والانقياد له بالطاعة والبراءة من الشرك وأهله
-الموالاة معناها أن تتخذه وليا وأصلها من الولاية والولاية هي المحبة والمودّة ولهذا استدلّ المؤلف رحمه الله تعالى بقوله سبحانه وتعالى: {لَّا تَجِدُ قَوْمًا يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ يُوَادُّونَ مَنْ حَادَّ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَلَوْ كَانُوا آبَاءَهُمْ أَوْ أَبْنَاءَهُمْ أَوْ إِخْوَانَهُمْ أَوْ عَشِيرَتَهُمْ ۚ أُولَٰئِكَ كَتَبَ فِي قُلُوبِهِمُ الْإِيمَانَ وَأَيَّدَهُم بِرُوحٍ مِّنْهُ ۖ وَيُدْخِلُهُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِن تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا ۚ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ وَرَضُوا عَنْهُ ۚ أُولَٰئِكَ حِزْبُ اللَّهِ ۚ أَلَا إِنَّ حِزْبَ اللَّهِ هُمُ الْمُفْلِحُونَ} [المجادلة : 22] ففسّر الموالاة بأنها الموادّة وهذا معناه أن أصل الموالاة في القلب
فأصل الدّين أن من دخل في " لا إله إلاّ الله " فإنه يحب هذه الكلمة وما دلّت عليه من التوحيد ويحب أهلها ويبغض الشرك المناقض لهذه الكلمة ويبغض أهله
-كلمة الولاء والبراء هي معنى الموالاة والمعاداة وهي بمعنى الحب والبغض وأصل ذلك القلب ، محبة القلب ،إذا أحب القلب الشرك وأهله صار مواليا للشرك ومواليا لأهله وإذا أحب القلب الإيمان صار مواليا للإيمان وإذا أحب القلب الله ورسوله والمؤمنين صار القلب مواليا لله ولرسوله وللمؤمنين قال الله عز وجل : {وَمَن يَتَوَلَّ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَالَّذِينَ آمَنُوا فَإِنَّ حِزْبَ اللَّهِ هُمُ الْغَالِبُونَ} [المائدة : 56]
-موالاة المشركين والكفار محرّمة وكبيرة من الكبائر وقد تصل بصاحبها إلى الكفر والشرك ولهذا ضبطها العلماء بأن قالوا تنقسم الموالاة -موالاة الكفار- باسمها العام إلى قسمين :
-القسم الأول : التوليّ : وهو الذي جاء في قوله تعالى : { يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَتَّخِذُوا الْيَهُودَ وَالنَّصَارَىٰ أَوْلِيَاءَ ۘ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ ۚ وَمَن يَتَوَلَّهُم مِّنكُمْ فَإِنَّهُ مِنْهُمْ ۗ إِنَّ اللَّهَ لَا يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ} [المائدة : 51] يقال تولاه تولّيا فالتولّي معناه : محبة الشرك وأهل الشرك ومحبة الكفر وأهل الكفر أو نصرة الكفار على أهل الإيمان قاصدا ظهور الكفر على الإسلام يعني حتى الذي لا يحب الشرك لكن ينصر المشرك على المسلم قاصدا ظهور الشرك على الإسلام هذا يدخل في التولي ، بهذا الضابط يتضح معنى التولي وهو كفر أكبر وإذا كان من مسلم فهو ردة
-القسم الثاني : الموالاة ، والموالاة المحرمة من جنس محبة المشركين والكفار لأجل دنياهم أو لأجل قراباتهم أو لنحو ذلك وضابطها أن تكون محبة أهل الشرك لأجل الدنيا ولا يكون معها نصرة لأنه إذا كان معها نصرة على مسلم بقصد ظهور الشرك على الإسلام صار توليا وهو في القسم المكفر ، فإن أحب المشرك والكافر لدنيا وصار معه نوع موالاة لأجل الدنيا فهذا محرم ومعصية وليس كفرا ودليل ذلك قول الله عز وجل : {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَتَّخِذُوا عَدُوِّي وَعَدُوَّكُمْ أَوْلِيَاءَ تُلْقُونَ إِلَيْهِم بِالْمَوَدَّةِ } [الممتحنة :1] . قال العلماء رحمهم الله تعالى : "أثبت الله عز وجل في هذه الآية أنه حصل ممن ناداهم باسم الإيمان اتخاذ المشركين والكفار أولياء بإلقاء المودة لهم " وذلك كما جاء في الصحيحين وفي التفسير في قصة حاطب رضي الله عنه المعروفة فقد روى البخاري رحمه الله في صحيحه عن علي بن أبي طالب رضي الله عنه أنه قال : "بعثني رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّمَ والزبيرَ وأبا مرثدٍ، وكلنا فارسٌ، قال : ( انطلِقوا حتى تأتوا روضةَ حاجٍ- قال أبو سلمةَ : هكذا قال أبو عوانةَ : حاجٍ - فإن فيها امرأةً معها صحيفةٌ من حاطبِ بن أبي بلتعةَ إلى المشركين، فأْتوني بها ) . فانطلقنا على أفراسِنا حتى أدركناها حيث قال لنا رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّمَ، تسير على بعيرٍ لها، وكان كتب إلى أهل مكةَ بمسيرِ رسولِ الله صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّمَ إليهم، فقلنا : أين الكتابُ الذي معك ؟ قالتْ : مامعي كتابٌ، فأنخنا بها بعيرَها، فابتغينا في رحلِها فما وجدنا شيئًا، فقال صاحبي : ما نرى معها كتابًا، قال : فقلتُ : لقد علمنا ما كذب رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّمَ، ثم حلف عليٌّ : والذي يحلف بهِ، لتخرجِنَّ الكتابَ أو لأجرِّدنَّكِ، فأهوت إلى حُجزتها، وهي محتجزةٌ بكساءٍ، فأخرجتِ الصحيفةَ، فأَتوا بها رسولَ اللهِ صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّمَ، فقال عمرُ : يا رسولَ اللهِ، قد خان اللهَ ورسولَه والمؤمنين، دعني فأضربُ عنقَه، فقال رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّمَ : ( يا حاطبُ، ما حملك علىما صنعتَ ) . قال : يا رسولَ اللهِ، ما لي أن لا أكون مؤمنًا بالله ورسولِه ؟ ولكني أردت أن يكون لي عند القوم يدًا يدفع بها عن أهلي ومالي، وليس من أصحابِك أحدٌ إلا له هنالك من قومه من يدفع اللهُ به عن أهله وماله، قال : ( صدق، ولا تقولوا له إلا خيرًا ) . قال : فعاد عمرُ فقال : يا رسولَ اللهِ، قد خان الله َورسولَه والمؤمنين، دعني فلْأضربْ عنقَه، قال : ( أوَ ليس من أهلِ بدرِ، وما يدريك، لعل اللهَ اطَّلع عليهم فقال : اعملوا ما شئتُم، فقد أوجبتُ لكم الجنةَ ) . فاغْروْرقت عيناه، فقال : اللهُ ورسولُه أعلمُ" (صحيح البخاري 6939 ). قال الله عز وجل في بيان ما فعل حاطب رضي الله عنه : {وَمَن يَفْعَلْهُ مِنكُمْ فَقَدْ ضَلَّ سَوَاءَ السَّبِيلِ} [الممتحنة : 1] يعني أن حاطبا ففعله ضلال ،
وما منع النبي صلى الله عليه وسلم من ترك عمر رضي الله عنه إلا أن حاطبا رضي الله عنه لم يخرج من الإسلام بما فعل
-دلت هذه الآية وهي قوله سبحانه : {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَتَّخِذُوا عَدُوِّي وَعَدُوَّكُمْ أَوْلِيَاءَ تُلْقُونَ إِلَيْهِم بِالْمَوَدَّةِ} [الممتحنة 1] مع بيان سبب نزولها من قصة حاطب أن إلقاء المودة للكافر لا يسلب اسم الإيمان لأن الله ناداهم باسم الإيمان فقال "يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا" مع إثباته عز وجل أنهم ألقوا المودة ولهذا استفاد العلماء من هذه الآية ومن آية سورة المائدة "وَمَن يَتَوَلَّهُم مِّنكُمْ فَإِنَّهُ مِنْهُمْ "[المائدة 51] ومن آية المجادلة التي ساقها المصنف :"لَّا تَجِدُ قَوْمًا يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ يُوَادُّونَ مَنْ حَادَّ اللَّهَ وَرَسُولَهُ" [المجادلة 22] أن الموالاة بالاسم العام تنقسم إلى :
-تولٍ وهو المكفِّر بالضابط الذي تم ذكره
-وإلى موالاة وهي نوع مودة لأجل الدنيا ونحو ذلك وهي محرمة وكبيرة من الكبائر وليست كفرا
الواجب أن يكون المؤمن محبا لله عز وجل ولرسوله وللمؤمنين وألا يكون في قلبه مودة للكفار ولو كان لأمور الدنيا فإذا عامل الكفار والمشركين في أمور الدنيا إنما تكون معاملة ظاهرة بدون ميل القلب أو محبة القلب لأن المشرك حمل قلبا فيه مسبة الله عز وجل وهو ساب لله عز وجل بفعله إذ اتخذ مع الله إلها آخر والمؤمن متولٍّ لله عز وجل ولرسوله وللمؤمنين فلا يجوز له أن يكون في قلبه موادّة لمشرك حمل الشرك والعياذ بالله
هذه الثلاث مسائل من المهمات العظيمات :
الأولى : أن يعلم المرء الغاية من خلقه وإذا علم هذه الغاية يعلم الطريق الموصلة لإنفاذ هذه الغاية وأن هذه الطريق واحدة وهي طريق اتباع الرسل الذين أرسلهم الله ربنا تبارك وتعالى
الثانية : الله عز وجل لا يرضى الشرك به حتّى بالمقربين عنده (الملائكة والأنبياء ) والذين عندهم المقامات العالية عنده عز وجل ، الله عز وجل لا يرضى أن يشرك معه أحد
الثالثة : ألا يكون في قلب الموحد الذي وحد الله وأطاع الرسول وخلص من الشرك محبة للمشركين
هذه الثلاث هي أصول الإسلام بأحد الإعتبارات
No comments:
Post a Comment