ما حكم الرُّقية بتلاوة آيات من القرآن مكتوبة في ورقة ثم تُحرَق؟ وهل تجوز الرُّقية بماء أو زيت يُقرَأ فيه القرآن؛ ثمَّ يشربه المريض، وقد جُرِبَ ذلك فنجح؟ (بيان حكم الاستعانة بالجنِّ). (00:00:42).
الرابط الصوتي:
السائل: .. أمور، الأمور السِّحريَّة والصَّرع.
الشيخ الألباني: أمور ايش؟
السائل: الأمور السِّحريَّة.
الشيخ الألباني: سحريَّة.
السائل: نعم، والصَّرع بالطريقة الشرعية التي وردت بالأحاديث؛ فبعض الجنِّ -يعني- يخرج من الإنس؛ ثم يعود مرة أخرى، فباستخدم معه أسلوب الشدة، وبأتي بشريطة بكتب عليها بعض الآيات من سورة البروج، والعشر الآيات الأوائل من الصافات، وآية الكرسي، وأحرق هذه الشريطة، وأنا أقرأ فيها الآيات؛ فعن تجارب لا يعود الشيطان إلى المريض بعد ذلك. ومن نفس -برضه- الأسلوب، بجيب المياه -مثلاً- أو الزيت وأقرأ عليه، وأعطيه للمريض، وأسقيه بدون تسمية، يعني حتى لا يُسمِّي؛ ولكن أثناء حضور الشيطان أو الجني الذي لابس الشخص؛ يعني أثناء الشرب، وهو بيشرب بيكون الجن موجود؛ يعني مبيكونش الشخص نفسه هو اللي بيشرب، بيكون الجني موجود؛ فما الحكم في ذلك شيخ؟
الشيخ الألباني: لا شك أنَّ الحكم في هذه الصورة التي وصفتها هو من الأمور التي تدخل في عموم قوله عليه الصَّلاة والسَّلام: ((وَإِيَّاكُمْ وَمُحْدَثَاتِ الأمُورِ؛ فَإِنَّ كُلَّ مُحْدَثَةٍ بِدْعَةٌ، وَكَلَّ بِدْعَةٍ ضَلاَلَةٌ، وَكَلَّ ضَلاَلَةٍ فِي النَّارِ)). من الملاحظ في هذا الزمان -زمن تكاثر الفتن، وتنوعها- أن من هذه الفتن: انتشار دعاوى تسلُّط الجنِّ على الإنس من جهة، وادعاء وجود ناس يسمون -أيضًا- بغير أسمائهم- مشايخ، يعالجون هؤلاء المصابين بالجنِّ. نحن لا ننكر -طبعًا- في نصوص الكتاب والسنة والسلف الصالح تسلُّط الجنِّ على الإنس بما يُسمَّى ما يشبه الصَّرع -مثلاً-، وقد لا يقترن معه صرع ظاهر هذه حقيقة لا ننكرها؛ لأنَّه ثبت في السنَّة أنَّ النَّبيَّ صلَّى الله عليه وسلَّم قد عالج بعض من كانوا أصيبوا بمسِّ الجنِّ لهم. لكننا ننكر كل وسيلة تحدث في هذه القرون أو في هذا القرن الأخير؛ ومن ذلك: ما وصفتَ من الآيات التي تكتب ثم تحرق ونحو ذلك. فأنا أعظ كل مسلم يتبنَّى معنا وجوب الرُّجوع إلى الكتاب والسنة، ويتبنَّى معنا: ((خَيْرَ الْهُدَى هُدَى مُحَمَّدٍ صَلَى اللهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّم))، ويتبنَّى معنا قول أصحابه الكرام: "اتبعوا ولا تبتدعوا فقد كُفِيتم، عليكم بالأمر العتيق" ننصح كل مسلم يشاركنا في الإيمان بهذه الأسس وبهذه القواعد الإسلاميَّة: أن لا يزيد في معالجته مشاكل تلبس الجنِّ بالإنس؛ إلا بتلاوة القرآن، لا أكثر من ذلك إطلاقًا. ولا يجوز مكالمة الشيطان المتلبِّس بالإنسان ولا استنباؤه واستخباره عن السحر الذي به سُحِرَ هذا المسحور مثلاً، وأين هذا السَّحر؛ لأنَّ هذا يدخل في الاستعانة بالجنِّ. ولا شك أنَّ الاستعانة بالجنِّ هو شرٌ من الاستعانة بالكُّفار الذي وقع في هذا الزمان؛ ذلك لأنَّ الله -عزَّ وجلَّ- يقول -في بيان سبب من أسباب ضلال المشركين الذين بُعِثَ إليهم الرسول عليه الصَّلاة والسَّلام-؛ قال: ﴿وَأَنَّهُ كَانَ رِجَالٌ مِّنَ الْإِنسِ يَعُوذُونَ بِرِجَالٍ مِّنَ الْجِنِّ فَزَادُوهُمْ رَهَقًا﴾ . فالاستعاذة بالجنِّ هو: طلب العون منهم، طلب العلم منهم، طلب العلاج منهم. فلا يجوز إذن ما ابتُلِيَ به كثير من الشباب وفيهم أشخاص نعرفهم متمسكون بإسلامهم؛ لكن رأيتهم متمسِّكين بإسلامهم؛ كتلك المرأة التي تقتصر على الخمار دون الجلباب، أو تقتصر على الجلباب دون الخمار، ولا تجمع بين الأمرين. ولذلك فنحن ننصح هؤلاء الشباب المسلمين الذين معنا على الخط الذي ذكرناه ببعض أصوله وقواعده آنفًا: أن لا يزيدوا في معالجة المصروع أو المصاب بمسٍّ من الجنِّ بأكثر من قراءة آيات من القرآن الكريم. هذا ما عندي جوابًا على هذا السؤال.
المرجع سلسلة الهدى والنور للألباني
رقم الشريط:(519)
No comments:
Post a Comment